صفحة جزء
( 8603 ) مسألة : قال ( وإن ملك سهما ممن يعتق عليه بغير الميراث ، وهو موسر ، عتق عليه كله ، وكان لشريكه عليه قيمة حقه منه ، وإن كان معسرا ، لم يعتق عليه إلا مقدار ما ملك ، وإن ملك بعضه بالميراث ، لم يعتق منه إلا مقدار ما ملك ، موسرا كان أو معسرا ) قد ذكرنا فيما تقدم أن من ملك ذا رحم محرم ، فهو حر ; لما روى سمرة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { من ملك ذا رحم محرم ، فهو حر } . رواه أبو داود ، وابن ماجه ، والترمذي .

وروى ضمرة ، عن سفيان ، عن عبد الله بن دينار ، [ ص: 295 ] عن ابن عمر ، رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم : { من ملك ذا رحم محرم ، فهو حر } . وسئل أحمد عن ضمرة ، فقال : ثقة ، إلا أنه روى حديثين ليس لهما أصل ; أحدهما ، هذا الحديث . وروي عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عمر ، أنه قال : { من ملك ذا رحم محرم ، فهو حر } . وقد ذكرنا هذا وما فيه من الخلاف فيما تقدم . فأما إن ملك سهما ممن يعتق عليه ، مثل أن يملك سهما من ولده ، فإنه يعتق عليه ما ملك منه ، سواء ملكه بعوض ، أو بغير عوض ، كالهبة والاغتنام والوصية ، وسواء ، ملكه باختياره ، كالذي ذكرناه ، أو بغير اختياره ، كالميراث ; لأن كل ما يعتق به الكل يعتق به البعض ، كالإعتاق بالقول ، ثم ينظر ; فإن كان معسرا ، لم يسر العتق ، واستقر في ذلك الجزء ، ورق الباقي ; لأنه لو أعتقه بقوله ، لم يسر إعتاقه مع تصريحه بالعتق وقصده إياه ، فهاهنا أولى .

وإن كان موسرا ، وكان الملك باختياره ، كالملك بغير الميراث ، سرى إلى باقيه ، فيعتق جميع العبد ، ولزمه لشريكه قيمة باقيه لأنه فوته عليه . وبهذا قال مالك ، والشافعي ، وأبو يوسف . وقال قوم : لا يعتق عليه إلا ما ملك ، سواء ملكه بشراء أو غيره ; لأن هذا لم يعتقه ، وإنما عتق عليه بحكم الشرع عن غير اختيار منه ، فلم يسر ، كما لو ملكه بالميراث ، وفارق ما أعتقه ; لأنه فعله باختياره ، قاصدا إليه .

ولنا أنه فعل سبب العتق اختيارا منه ، وقصدا إليه ، فسرى ، ولزمه الضمان ، كما لو وكل من أعتق نصيبه ، وفارق الميراث ، فإنه حصل من غير قصده ، ولا فعله ، ولأن من باشر سبب السراية اختيارا ، لزمه ضمانها ، كمن جرح إنسانا ، فسرى جرحه ، ولأن مباشرته لما يسري ، وتسببه إليه في لزوم حكم السراية واحد ، بدليل استواء الحافز والدافع في ضمان الواقع . فأما إن ملكه بالميراث ، لم يسر العتق فيه ، واستقر فيما ملكه ، ورق الباقي ، سواء كان موسرا أو معسرا ; لأنه لم يتسبب إلى إعتاقه ، وإنما حصل بغير اختياره . وبهذا قال مالك ، والشافعي ، وأبو يوسف .

وعن أحمد ما يدل على أنه يسري إلى نصيب شريكه ، إذا كان موسرا ; لأنه عتق عليه بعضه وهو موسر ، فسرى إلى باقيه ، كما لو وصى له به فقبله . والمذهب الأول لأنه لم يعتقه ، ولا تسبب إليه ، فلم يضمن ، ولم يسر ، كالأجنبي ، وفارق ما تسبب إليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية