صفحة جزء
( 914 ) مسألة : قال ( فإن نسي أن عليه سجود سهو وسلم ، كبر وسجد سجدتي السهو ، وتشهد ، وسلم ، ما كان في المسجد وإن تكلم ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم سجد بعد السلام والكلام ) . الكلام في هذه المسألة في ثلاثة فصول : ( 915 ) الفصل : الأول : أنه إذا نسي سجود السهو ، ثم ذكره قبل طول الفصل في المسجد فإنه يسجد ، سواء تكلم أو لم يتكلم وبهذا قال مالك ، والأوزاعي والشافعي ، وأبو ثور . وكان الحسن ، وابن سيرين يقولان : إذا صرف وجهه عن القبلة ، لم يبن ، ولم يسجد . وقال : أبو حنيفة : إن تكلم بعد الصلاة ، سقط عنه سجود السهو ولأنه أتى بما ينافيها ، فأشبه ما لو أحدث .

ولنا ما روى ابن مسعود { أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد بعد السلام والكلام } . رواه مسلم وأيضا الحديث الذي ذكرناه في المسألة التي قبل هذه ، فإنه عليه الصلاة والسلام تكلم ، وتكلم المأمومون ، ثم سجد وسجدوا معه وهذا حجة على الحسن وابن سيرين لقوله فلما انفتل توشوش القوم بينهم ، ثم سجد بعد انصرافه عن القبلة . ولأنه إذا جاز إتمام ركعتين من الصلاة بعد الكلام والانصراف ، كما في حديث ذي اليدين ، فالسجود أولى ( 916 ) الفصل الثاني : أنه لا يسجد بعد طول المدة . واختلف في ضبط المدة التي يسجد فيها ، ففي قول الخرقي ، يسجد ما كان في المسجد ، فإن خرج لم يسجد . نص عليه أحمد وهو قول الحكم ، وابن شبرمة .

وقال القاضي : يرجع في طول الفصل وقصره إلى العادة ، وهذا قول الشافعي ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم رجع إلى المسجد بعد خروجه منه في حديث عمران بن حصين ، فالسجود أولى ، وحكى ابن أبي موسى ، عن أحمد رواية أخرى ، أنه يسجد وإن خرج وتباعد وهو قول ثان للشافعي ; لأنه جبران يأتي به بعد طول الزمان كجبران الحج . وهذا قول مالك إن كان لزيادة وإن كان لنقص أتى به ما لم يطل الفصل ; لأنه لتكميل الصلاة . ولنا ، أنه لتكميل الصلاة ، فلا يأتي به بعد طول الفصل ، كركن من أركانها ، وكما لو كان من نقص وإنما ضبطناه بالمسجد ; لأنه محل الصلاة وموضعها ، فاعتبرت فيه المدة ، كخيار المجلس . ( 917 ) الفصل الثالث : أنه متى سجد للسهو ، فإنه يكبر للسجود والرفع منه ، سواء كان قبل السلام أو بعده .

فإن كان قبل السلام سلم عقبه . وإن كان بعده تشهد ، وسلم ، سواء كان محله بعد السلام ، أو كان قبل السلام فنسيه إلى ما بعده . وبهذا قال ابن مسعود ، والنخعي ، وقتادة ، والحكم وحماد ، والثوري ، والأوزاعي ، والشافعي وأصحاب الرأي في التشهد والسلام وقال أنس ، والحسن ، وعطاء : ليس فيهما تشهد ولا تسليم . وقال ابن سيرين ، وابن المنذر فيهما تسليم بغير تشهد . قال ابن المنذر : التسليم فيهما ثابت من غير وجه ، وفي ثبوت التشهد نظر وعن عطاء : إن شاء تشهد وسلم ، وإن شاء لم يفعل .

[ ص: 385 ] ولنا ، على التكبير قول ابن بحينة : { فلما قضى الصلاة سجد سجدتين ، كبر في كل سجدة وهو جالس قبل أن يسلم وسجدهما الناس معه . } وهو حديث صحيح وقول أبي هريرة ، ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول ، ثم رفع رأسه فكبر ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكبر في كل رفع وخفض .

وأما التسليم فقد ذكره عمران بن حصين ، في حديثه الذي رواه مسلم ، قال فيه { سجد سجدتي السهو ثم سلم } وفي حديث ابن مسعود { ثم سجد سجدتين ثم سلم } وأما التشهد فقد روى أبو داود في حديث عمران بن حصين { أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم فسها ، فسجد سجدتين ثم تشهد ، ثم سلم } ، قال الترمذي : هذا حديث حسن غريب . ولأنه سجود يسلم له ، فكان معه تشهد ، كسجود صلب الصلاة . ويحتمل أن لا يجب التشهد ; لأن ظاهر الحديثين الأولين أنه سلم من غير تشهد ، وهما أصح من هذه الرواية ، ولأنه سجود مفرد ، فلم يجب له تشهد ، كسجود التلاوة

التالي السابق


الخدمات العلمية