صفحة جزء
( 8685 ) مسألة : قال : ( وإذا دبر قبل البلوغ كان تدبيره جائزا ، إذا كان له عشر سنين فصاعدا ، وكان يعرف التدبير . وما قلته في الرجل ، فالمرأة مثله ، إذا كان لها تسع سنين فصاعدا ) وجملته أن تدبير الصبي المميز ، ووصيته ، جائزة . وهذا إحدى الروايتين عن مالك ، وأحد قولي الشافعي . قال : بعض أصحابه : هو أصح قوليه . وروي ذلك عن عمر ، وشريح ، وعبد الله بن عتبة . وقال الحسن ، وأبو حنيفة : لا يصح تدبيره ، كالمجنون . وهو الرواية الثانية عن مالك ، والقول الثاني للشافعي ; لأنه لا يصح إعتاقه ، فلم يصح تدبيره ، كالمجنون .

ولنا ، ما روى سعيد ، عن هشيم ، عن يحيى عن ابن سعيد ، عن أبي بكر بن محمد ، أن غلاما من الأنصار أوصى لأخوال له من غسان ، بأرض يقال لها : بئر جشم قومت بثلاثين ألفا ، فرفع ذلك إلى عمر بن الخطاب ، فأجاز الوصية . قال يحيى بن سعيد : وكان الغلام ابن عشر سنين ، أو اثنتي عشرة سنة . وروي أن قوما سألوا عمر رضي الله عنه عن غلام من غسان يافع ، وصى لبنت عمه ، فأجاز عمر وصيته . ولم نعرف له مخالفا ، ولأن صحة وصيته وتدبيره أحظ له بيقين ، لأنهما باقيا لا يلزمه ، فإذا مات كان ذلك صلة وأجرا ، فصح ، كوصية المحجور عليه لسفه ، ويخالف العتق ، لأن فيه تفويت ماله عليه في حياته ووقت حاجته .

فأما تقييد من يصح تدبيره بمن له عشر ; فلقول النبي صلى الله عليه وسلم : { اضربوهم عليها لعشر ، وفرقوا بينهم في المضاجع } . وهو الذي ورد فيه الخبر عن عمر رضي الله عنه . واعتبر المرأة بتسع ; لقول عائشة رضي الله عنها : إذا بلغت الجارية تسع سنين ، فهي امرأة . ويروى ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا . ولأنه السن الذي يمكن بلوغها فيه ، ويتعلق به أحكام سوى ذلك . ( 8686 )

فصل : ويصح منه الرجوع . إن قلنا بصحة الرجوع من المكلف ; لأن من صحت وصيته ، صح رجوعه ، كالمكلف . وإن أراد بيع المدبر ، قام وليه في بيعه مقامه . وإن أذن له وليه في بيعه ، فباعه ، صح منه .

التالي السابق


الخدمات العلمية