صفحة جزء
( 8695 ) فصل : وإن كاتب الحربي عبده ، صحت كتابته ، سواء كان في دار الحرب أو دار الإسلام . وبهذا قال الشافعي . وقال أبو حنيفة : لا يصح ; لأن ملكه ناقص . وحكي عن مالك ، أنه لا يملك ، بدليل أن للمسلم تملكه عليه . [ ص: 336 ]

ولنا ، قول الله تعالى : { وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم } . وهذه الإضافة إليهم تقتضي صحة أملاكهم ، فتقتضي صحة تصرفاتهم . فإذا ثبت هذا فإذا كاتب عبده ، ثم دخلا مستأمنين إلينا ، لم يتعرض الحاكم لهما ، وإن ترافعا إليه ، نظر بينهما ، فإن كانت كتابتهما صحيحة ، ألزمهما حكمها ، وإن كانت فاسدة ، بين لهما فسادها . وإن جاءا ، وقد قهر أحدهما صاحبه ، بطلت الكتابة ; لأن العبد إن قهر سيده ملكه ، فبطلت كتابته ; لخروجه عن ملك سيده ، وإن قهره السيد على إبطال الكتابة ، ورده رقيقا ، بطلت ; لأن دار الكفر دار قهر وإباحة ، ولهذا لو قهر حر حرا على نفسه ملكه . وإن دخلا من غير قهر ، فقهر أحدهما الآخر في دار الإسلام ، لم تبطل الكتابة ، وكانا على ما كانا عليه قبله ; لأن دار الإسلام دار حظر ، لا يؤثر فيها القهر إلا بالحق .

وإن دخلا مستأمنين ، ثم أرادا الرجوع إلى دار الحرب ، لم يمنعا . وإن أراد السيد الرجوع ، وأخذ المكاتب معه ، فأبى المكاتب الرجوع معه ، لم يجبر ; لأنه بالكتابة زال ملكه وسلطانه عنه ، وإنما له في ذمته حق ، ومن له في ذمة غيره حق لا يملك إجباره على السفر معه لأجله ، ويقال للسيد : إن أردت الإقامة في دار الإسلام ; لتستوفي مال الكتابة ، فاعقد الذمة وأقم ، إن كانت مدتها طويلة ، وإن أردت توكيل من يقبض لك نجوم الكتابة ، فافعل . فإذا أدى نجوم الكتابة ، عتق ، ثم هو مخير ، إن أحب أن يقيم في دار الإسلام ، عقد على نفسه الذمة ، وإن أحب الرجوع ، لم يمنع .

التالي السابق


الخدمات العلمية