صفحة جزء
( 8701 ) الفصل الثالث : أنه لا يعتق قبل أداء جميع الكتابة ، قال أحمد ، في عبد بين رجلين ، كاتباه على ألف ، فأدى تسعمائة ، ثم أعتق أحدهما نصيبه . قال : لا يعتق إلا نصف المائة . وقد روي عن عمر ، وابنه ، وزيد بن ثابت ، وعائشة ، وسعيد بن المسيب والزهري ، أنهم قالوا : المكاتب عبد ما بقي عليه درهم . رواه عنهم الأثرم . وبه قال القاسم وسالم وسليمان بن يسار ، وعطاء ، وقتادة ، والثوري ، وابن شبرمة ، ومالك ، والأوزاعي ، والشافعي ، وإسحاق وأصحاب الرأي .

وروي ذلك عن أم سلمة . وروى سعيد ، بإسناده عن أبي قلابة ، قال : { كن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم - لا يحتجبن من مكاتب ما بقي عليه دينار } . وبإسناده عن عطاء ، أن ابن عمر كاتب غلاما على ألف دينار ، فأدى إليه تسعمائة دينار ، وعجز عن مائة دينار ، فرده ابن عمر في الرق . ،

وذكر أبو بكر والقاضي وأبو الخطاب أنه إذا أدى ثلاثة أرباع الكتابة ، وعجز عن ربعها عتق ; لأنه يجب رده إليه ، فلا يرد إلى الرق بعجزه عنه ، لأنه عجز عن أداء حق هو له ، لا حق للسيد ، فلا معنى لتعجيزه فيما يجب رده إليه .

وقال علي رضي الله عنه : يعتق منه بقدر ما أدى . لما روى ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { إذا أصاب المكاتب حدا ، أو ميراثا ، ورث بحساب ما عتق منه ، ويؤدي المكاتب بحصة ما أدى دية حر ، وما بقي دية عبد } رواه الترمذي ، وقال حديث حسن . وروي عن عمر ، وعلي رضي الله عنهما ، أنه إذا أدى الشطر ، فلا رق عليه .

وروي ذلك عن النخعي .

وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : إذا أدى قدر قيمته ، فهو غريم . وقضى به شريح . وقال الحسن ، في المكاتب : إذا عجز استسعى بعد العجز سنتين .

ولنا ، ما روى سعيد ، ثنا هشيم ، عن حجاج ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { أيما رجل كاتب غلامه على مائة أوقية ، فعجز عن عشر أواق ، فهو رقيق } . وعن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { المكاتب عبد ما بقي عليه درهم } . رواه أبو داود ، ولأنه عوض عن المكاتب ، فلا يعتق قبل أدائه ، كالقدر المتفق عليه ، ولأنه لو أعتق بعضه ، لسرى إلى باقيه ، كما لو باشره بالعتق ، فإن العتق لا يتبعض في الملك .

فأما حديث ابن عباس ، فمحمول على مكاتب لرجل مات ، وخلف ابنين فأقر أحدهما بكتابته ، وأنكر الآخر ، فأدى إلى المقر ، أو ما أشبهها من الصور ، جمعا بين الأخبار ، وتوفيقا بينهما وبين القياس .

ولأن قول النبي صلى الله عليه وسلم : { إذا كان لإحداكن مكاتب ، فملك ما يؤدي ، فلتحتجب منه } دليل على اعتبار جميع ما [ ص: 340 ] يؤدى ، ويجوز أن يتوقف العتق على أداء الجميع ، وإن جاز رد بعضه إليه ، كما لو قال : إذا أديت إلي ألفا ، فأنت حر ، ولله علي رد ربعها إليك . فإنه لا يعتق قبل أداء جميعها ، وإن وجب عليه رد بعضها .

التالي السابق


الخدمات العلمية