صفحة جزء
( 8729 ) فصل : فإن شرط عليه في الكتابة أن لا يسافر ، فقال القاضي : الشرط باطل . وهو قول الحسن ، وسعيد بن جبير ، والشعبي ، والنخعي ، وأبي حنيفة ; لأنه ينافي مقتضى العقد ، فلم يصح شرطه ، كشرط ترك الاكتساب ، ولأنه غريم ، فلم يصح شرط ترك السفر عليه ، كما لو أقرضه رجل قرضا بشرط أن لا يسافر . وقال أبو الخطاب يصح الشرط ، وله منعه من السفر . وهو قول مالك ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { المسلمون على شروطهم . } ولأنه شرط له فيه فائدة ، فلزم كما لو شرط نقدا معلوما . وبيان فائدته ، أنه لا يأمن إباقه وأنه لا يرجع إلى سيده ، فيفوت العبد والمال الذي عليه ، ويفارق القرض فإنه عقد جائز من جانب المقرض ، متى شاء طالب بأخذه ، ومنع الغريم السفر قبل إيفائه فكان المنع من السفر حاصلا بدون شرطه بخلاف الكتابة فإنه لا يمكن السيد منعه من السفر إلا بشرطه وفيه حفظ عبده وماله ، فلا يمنع من تحصيله . وهذا أصح ، إن شاء الله تعالى ، وأولى .

فعلى هذا الوجه ، لسيده منعه من السفر ، فإن سافر بغير إذنه ، فله رده إن أمكنه ، وإن لم يمكنه رده ، احتمل أن له تعجيزه ، ورده إلى الرق ; لأنه لم يف بما شرطه عليه ، أشبه ما لو لم يف بأداء الكتابة . واحتمل أن لا يملك ذلك ; لأنه مكاتب كتابة صحيحة ، لم يظهر عجزه ، فلم يملك تعجيزه ، كما لو لم يشترط عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية