صفحة جزء
( 8756 ) فصل : إذا كانت الأمة بين شريكين فكاتباها ثم وطئها أحدهما أدب فوق أدب الواطئ ; لمكاتبته الخالصة له ; لأن الوطء هاهنا حرم من وجهين ; الشركة والكتابة ، فهو آكد وإثمه أعظم وأدبه أكثر ، وعليه مهر مثلها على ما أسلفناه فيما إذا كان السيد واحدا ، فإن لم يكن حل نجم قبضت المهر ، فإذا حل نجمها سلمته إليهما ، وإن حل نجمها وهو من جنس مال الكتابة وكان في يدها بقدره دفعته إلى الذي لم يطأها واحتسبت على الواطئ بالمهر ، وإن لم يكن في يدها شيء وكان بقدر نجمها أو دونه أخذت من الواطئ نصفه وسلمته إلى الآخر ، وإن لم يكن من جنس مال الكتابة فاتفقا على أخذه عوضا عن مال الكتابة فالحكم فيه كما لو كان من جنسها .

وإن لم يتفقا قبضته ودفعته مما عليها من مال الكتابة من عوضه أو غيره ،

وإن عجزت فسخا الكتابة وكان في يدها بقدر المهر أخذه الذي لم يطأ وسقط المهر من ذمة الواطئ ، وإن لم يكن في يدها شيء كان للذي لم يطأ أن يرجع على الواطئ بنصفه ; لأنه وطئ جارية مشتركة بينهما ، فإن حبلت منه صارت أم ولد له وعليه نصف قيمتها لشريكه مع نصف المهر الواجب لها - موسرا كان أو معسرا - إلا أنه إن كان موسرا أداه في الحال ، وإن كان معسرا فهو في ذمته . هذا ظاهر كلام الخرقي ذكر مثل هذا في باب العتق ، فعلى هذا تصير أم ولد للواطئ ، ومكاتبته له كأنه اشتراها وتكون مبقاة على ما بقي من كتابتها وتعتبر قيمتها بما تساوي مكاتبته مبقاة على ما بقي عليها من كتابتها .

واختار القاضي أنه إن كان معسرا لم يسر الإحبال ; لأنه بمنزلة الإعتاق بالقول يعتبر اليسار في سرايته ، ونصيب الواطئ قد ثبت له حكم الاستيلاد وحكم الكتابة ، ونصيب شريكه لم يثبت له إلا حكم الكتابة ، فإن أدت إليهما عتقت وبطل حكم الاستيلاد ، وإن عجزت وفسخا الكتابة ثبت لنصفها حكم الاستيلاد ، ونصفها قن لا يقوم على الوارث وإن كان موسرا ; لأنه ليس بمعتق .

وإن مات الواطئ قبل عجزها عتق نصيبه وسقط حكم الكتابة فيه وكان الباقي مكاتبا ،

وإن كان الواطئ موسرا فقد ثبت لنصفها حكم الاستيلاد ، ونصفها الآخر موقوف ، فإن أدت إليهما عتقت كلها وولاؤها لهما ، وإن عجزت وفسخا الكتابة قومناها حينئذ على الواطئ ، فيدفع إلى شريكه قيمة نصيبه وتصير جميعها أم ولد له ، فإن مات عتقت عليه وكان ولاؤها له . وهذا مذهب الشافعي وله قول آخر : أنها تقوم على الموسر وتبطل الكتابة في نصف الشريك ، وتصير جميعها أم ولد ونصفها مكاتبا للواطئ ، فإن [ ص: 363 ] أدت نصيبه إليه عتقت وسرى إلى الباقي ; لأنه ملكه وعتق جميعها ، وإن عجزت ففسخ الكتابة كانت أم ولد له خاصة ، فإذا مات عتقت كلها .

ولنا أن بعضها أم ولد فكان جميعها كذلك كما لو كان الشريك موسرا ، يحقق هذا أن الولد حاصل من جميعها ، وهو كله من الواطئ ونسبه لاحق به فيجب أن يثبت ذلك لجميعها ، ويفارق الإعتاق فإنه أضعف على ما بينا من قبل .

ولنا على أن الكتابة لا تبطل بالتقويم أنها عقد لازم ، فلا تبطل مع بقائها بفعل صدر منه ، كما لو استولدها وهي في ملكه ، وكما لو لم تحبل منه فأما الولد فإنه حر ; لأنه من وطء فيه شبهة ونسبه لاحق به كذلك ولا يلزمه قيمته ; لأنها وضعته في ملكه وروي عن أحمد في هذا روايتان ، إحداهما لا تجب قيمته ; لأن نصيب شريكه انتقل إليه من حين العلوق وفي تلك الحال لم تكن له قيمة فلم يضمنه ، والثانية عليه نصف قيمته ; لأنه كان من سبيل هذا النصف أن يكون مملوكا لشريكه فقد تلف رقه عليه فكان عليه نصف قيمته .

قال القاضي : هذه الرواية أصح على المذهب وذكر هاتين الروايتين أبو بكر واختار أنها إن وضعته بعد التقويم فلا شيء على الواطئ ، وإن وضعته قبل التقويم غرم نصف قيمته ، فإن ادعى الواطئ الاستبراء وأتت بالولد لأكثر من ستة أشهر من حين الاستبراء لم يلحق به ولم تصر أم ولد وكان حكم ولدها حكمها ، وإن أتت به لأقل من ستة أشهر من حين الاستبراء لحق به كما لو كان قبل الاستبراء ; لأنا تبينا أنها كانت حاملا وقت الاستبراء فلم يكن ذلك استبراء .

التالي السابق


الخدمات العلمية