صفحة جزء
( 8759 ) فصل : فإن أولدها كل واحد منهما واتفقا على السابق منهما ، فعلى قول الخرقي تصير أم ولد له وولده حر لاحق النسب به ، والخلاف في ذلك كالخلاف فيما إذا انفرد بإيلادها سواء ، وأما الثاني فعلى قول الخرقي قد وطئ أم ولد غيره بشبهة وأولدها فلا تصير أم ولد له ; لأنها مملوكة غيره فأشبه ما لو باعها ثم أولدها وعليه مهرها لها ; لأن الكتابة لم تبطل والولد حر ; لأنه وطء شبهة وعليه قيمته للأول ; لأنه فوت رقه عليه ، فكان من سبيله أن يكون رقيقا له ، حكمه حكم أمه فتلزمه قيمته على هذه الصفة وقد ذكرنا في وجوب نصف قيمة الأول خلافا ، فإن قلنا بوجوبها تقاصا بما لكل واحد منهما على صاحبه في القدر الذي تساويا فيه ، ويرجع ذو الفضل بفضله وتعتبر القيمة يوم الولادة ; لأنها أول حال أمكن التقويم فيها

وذكر القاضي في هذه المسألة أربعة أحوال ، أحدها أن يكونا موسرين فالحكم على ما ذكرنا إلا أنه جعل المهر الواجب على الثاني للأول ، وهذا مذهب الشافعي ولا يصح ; لأن الكتابة لا تبطل بالاستيلاد ، ومهر المكاتبة لها دون سيدها ، ولأن سيدها لو وطئها لوجب عليه المهر لها فلأن لا يملك المهر الواجب على غيره أولى ، ولأنه عوض نفعها فكان لها كأجرتها . الثاني أن يكون الأول موسرا والثاني معسرا فيكون كالحال الذي قبله سواء .

قال القاضي : إلا أن ولده يكون مملوكا ; لإعساره بقيمته ، وهذا غير صحيح ; لأن الولد لا يرق لإعسار والده ، بدليل ولد المغرور من أمة والوطء بشبهة وكل موضع حكمنا بحرية الولد لا يختلف بالإعسار واليسار وإنما يعتبر اليسار في سراية العتق وليس عتق هذا بطريق السراية ، إنما هو لأجل الشبهة في الوطء فلا وجه لاعتبار اليسار فيه . والصحيح أنه حر وتجب قيمته في ذمة أبيه .

الحال الثالث أن يكونا معسرين فإنها تصير أم ولد لهما جميعا ، نصفها أم ولد للأول ونصفها أم ولد للثاني . قال : وعلى كل واحد منهما نصف مهرها لصاحبه ، وفي ولد كل واحد منهما وجهان : أحدهما أن يكون كله حرا وفي ذمة أبيه نصف قيمته لشريكه ، والثاني نصفه حر وباقيه عبد لشريكه إلا أن نصف ولد الأول عبد قن ; لأنه تابع للنصف الباقي من [ ص: 365 ] الأم .

وأما النصف الباقي من ولد الثاني فحكمه حكم أمه ; لأنه ولد منها بعد أن ثبت لنصفها حكم الاستيلاد للأول ، فكان نصفه الرقيق تابعا لها في ذلك ، ولعل القاضي أراد ما إذا عجزت وفسخت الكتابة ، فأما إذا كانت باقية على الكتابة فإن لها المهر كاملا على كل واحد منهما ، وإذا حكم برق نصف ولدها وجب أن يكون له حكمها في الكتابة ; لأن ولد المكاتبة يكون تابعا لها

الحال الرابع : أن يكون الأول معسرا والثاني موسرا فحكمه حكم الثالث سواء إلا أن ولد الثاني حر ; لأن الحرية ثبتت لنصفه بفعل أبيه وهو موسر فسرى إلى جميعه وعليه نصف قيمته لشريكه ولم تقوم عليه الأم ; لأن نصفها أم ولد للأول ولو صح هذا لوجب أن لا يقوم عليه نصف الولد ; لأن حكمه حكم أمه في هذا ، فإذا منع حكم الاستيلاد السراية في الأم منعه فيما هو تابع لها . ومذهب الشافعي في هذه المسألة قريب مما ذكر القاضي .

التالي السابق


الخدمات العلمية