صفحة جزء
( 8821 ) مسألة : قال : وإذا أعتق الأمة ، أو كاتبها ، وشرط ما في بطنها ، أو أعتق ما في بطنها دونها ، فله شرطه روي نحو هذا القول عن ابن عمر ، وأبي هريرة ، والنخعي ، وإسحاق ، وابن المنذر . وقال ابن سيرين : له ما استثنى . وقال عطاء ، والشعبي : إذا استثنى ما في بطنها ، فله استثناؤه . وقال مالك ، والشافعي : لا يصح استثناء الجنين ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الثنيا إلا أن تعلم . ولأنه لا يصح استثناؤه في البيع ، فلا يصح في العتق ، كبعض أعضائها .

ولنا ، قول ابن عمر ، وأبي هريرة ، ولم نعلم لهما مخالفا في الصحابة . قال أحمد : أذهب إلى حديث ابن عمر في العتق ، ولا أذهب إليه في البيع . وقد روى الأثرم ، بإسناده عن ابن عمر ، أنه أعتق جارية ، واستثنى ما في بطنها . ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { المسلمون على شروطهم } . وهذا قد شرط ما في بطن معتقه ، فكان له بمقتضى الخبر .

ولأنه يصح إقراره بالعتق ، [ ص: 398 ] فصح استثناؤه وأما خبرهم ، فنقول به ، والحمل معلوم ، فيصح استثناؤه بمقتضى الحديث ، ويفارق البيع ; فإنه عقد معاوضة ، يعتبر فيه العلم بصفات العوض ; ليعلم هل هو قائم مقام العوض أم لا ؟ والعتق تبرع لا تتوقف صحته على معرفة صفات المعتق . ولا تنافيه الجهالة بها ، ويكفي العلم بوجوده ، وقد علم ذلك ، ولذلك صح إفراد الحمل بالعتق ، ولم يصح إفراده بالبيع ، ولأن استثناءه في البيع إذا بطل ، بطل البيع كله ، وها هنا إذا بطل استثناؤه ، لم يبطل العتق في الأمة ، ويسري الإعتاق إليه ، فكيف يصح إعتاقه مع تضاد الحكم فيهما ؟ ولا يصح قياسه على بعض أعضائها ; لأن العضو لا يتصور انفراده بالرق والحرية دون الحمل ، وكذلك لو أعتق عضوا من أمته ، صارت كلها حرة ، فإذا عتق بعضها ، سرى إلى المستثنى ، والولد حيوان منفرد ، لو أعتقه لم تسر الحرية إلى أمه ، ويصح انفراده بالحرية عن أمه ، فيما إذا أعتقه دونها ، وفي ولد المغرور بحرية أمه ، وفيما إذا وطئ بشبهة ، وفي ولد أم الولد ، وغير ذلك ، ولا يمكن ذلك في بعض الأعضاء ، ولأن الولد يرث ويورث ، ويوصى به وله ، وإذا قتل كان بدله موروثا ، ولا تختص به أمه ، وتجب الكفارة بقتله ، والدية في مقابلته ، فكيف يصح قياسه على أعضائها ؟ فأما إن أعتق ما في بطنها دونها ، فلا أعلم خلافا فيه .

قال إسحاق بن منصور : سئل سفيان عن رجل قال : ما في بطنك حر ، قال : هو حر ، والأم مملوكة ; لأن ولدها منها ، وليست هي من ولدها . قال أحمد وإسحاق : جيد . وقال مهنا : سألت أحمد رضي الله عنه عن رجل زوج أمته ، فقالت : قد حبلت . فقال لها مولاها : ما في بطنك حر . ولم تكن حاملا . قال : لا تعتق . فأعدت عليه القول مرة أخرى ، فقال : لا يكون شيء ، إنما أراد ما في بطنها ، فلم يكن شيء . قال المروذي : وسئل أبو عبد الله ، عن رجل أعتق عبدا له ، واستثنى منه خدمته شهرا ، فقال : جائز .

التالي السابق


الخدمات العلمية