صفحة جزء
( 941 ) فصل : فأما البكاء والتأوه والأنين الذي ينتظم منه حرفان فما كان مغلوبا عليه لم يؤثر على ما ذكرنا من قبل وما كان من غير غلبة فإن كان لغير خوف الله أفسد الصلاة ، وإن كان من خشية الله ، فقال أبو عبد الله بن بطة ، في الرجل يتأوه في الصلاة : إن تأوه من النار فلا بأس . وقال أبو الخطاب : إذا تأوه ، أو أن ، أو [ ص: 395 ] بكى لخوف الله ، لم تبطل صلاته .

قال القاضي : التأوه ذكر ، مدح الله تعالى به إبراهيم عليه الصلاة والسلام فقال : { إن إبراهيم لأواه حليم } والذكر لا يفسد الصلاة ، ومدح الباكين بقوله تعالى { خروا سجدا وبكيا } وقال : { ويخرون للأذقان يبكون } وروي عن مطرف بن عبد الله بن الشخير عن أبيه ، أنه قال : { رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ولصدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء } . رواه الخلال وقال عبد الله بن شداد : سمعت نشيج عمر وأنا في آخر الصفوف .

ولم أر عن أحمد في التأوه شيئا ، ولا في الأنين ، والأشبه بأصولنا أنه متى فعله مختارا أفسد صلاته ; فإنه قال في روايةمهنا ، في البكاء الذي لا يفسد الصلاة : إنه ما كان عن غلبة ولأن الحكم لا يثبت إلا بنص أو قياس أو إجماع والنصوص العامة تمنع من الكلام كله ، ولم يرد في التأوه والأنين ما يخصهما ويخرجهما من العموم ، والمدح على التأوه لا يوجب تخصيصه ، كتشميت العاطس ، ورد السلام ، والكلمة الطيبة التي هي صدقة

التالي السابق


الخدمات العلمية