صفحة جزء
( 942 ) فصل : إذا أتى بذكر مشروع يقصد به تنبيه غيره . فذلك ثلاثة أنواع : الأول مشروع في الصلاة ، مثل أن يسهو إمامه فيسبح به ليذكره أو يترك إمامه ذكرا فيرفع المأموم صوته ليذكره أو يستأذن عليه إنسان في الصلاة أو يكلمه أو ينوبه شيء ، فيسبح ليعلم أنه في صلاة ، أو يخشى على إنسان الوقوع في شيء فيسبح به ليوقظه ، أو يخشى أن يتلف شيئا ، فيسبح به ليتركه .

فهذا لا يؤثر في الصلاة في قول أكثر أهل العلم ; منهم الأوزاعي ، والشافعي ، وإسحاق ، وأبو ثور وحكي عن أبي حنيفة أن من أفهم غير إمامه بالتسبيح فسدت صلاته ; لأنه خطاب آدمي فيدخل في عموم أحاديث النهي عن الكلام ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم { من نابه شيء في الصلاة فليقل : سبحان الله فإنه لا يسمعه أحد يقول سبحان الله إلا التفت وفي لفظ إذا نابكم أمر فليسبح الرجال ولتصفق النساء } متفق عليه وهو عام في كل أمر ينوب المصلي وفي " المسند " عن علي { كنت إذا استأذنت على النبي صلى الله عليه وسلم إن كان في صلاة سبح وإن كان في غير صلاة أذن } ولأنه نبه بالتسبيح أشبه ما لو نبه الإمام ، ولو كان تنبيه غير الإمام كلاما مبطلا لكان تنبيه الإمام كذلك .

( 943 ) فصل : وفي معنى هذا النوع ، إذا فتح على الإمام إذا ارتج عليه ، أو رد عليه إذا غلط فلا بأس به في الفرض والنفل . وروي ذلك عن عثمان ، وعلي ، وابن عمر . رضي الله عنهم وبه قال عطاء ، والحسن ، وابن سيرين ، وابن معقل ، ونافع بن جبير بن مطعم ، وأبو أسماء الرحبي ، وأبو عبد الرحمن السلمي . وكرهه ابن مسعود وشريح ، والشعبي ، والثوري ، وقال أبو حنيفة ، تبطل الصلاة به ; لما روى الحارث عن علي ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { لا يفتح على الإمام } ولنا : ما روى ابن عمر ، { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاة ، فقرأ فيها ، فلبس عليه ، فلما انصرف قال لأبي أصليت معنا ؟ . قال : نعم قال : فما منعك ؟ } رواه أبو داود قال الخطابي وإسناده جيد

وعن ابن عباس [ ص: 396 ] قال { : تردد رسول الله صلى الله عليه وسلم في القراءة في صلاة الصبح ، فلم يفتحوا عليه ، فلما قضى الصلاة نظر في وجوه القوم ، فقال : أما شهد الصلاة معكم أبي بن كعب ؟ قالوا : لا } فرأى القوم أنه إنما تفقده ليفتح عليه . رواه الأثرم وروى مسور بن يزيد المالكي قال : { شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصلاة فترك آية من القرآن فقيل يا رسول الله ، آية كذا وكذا تركتها . قال : فهلا ذكرتنيها ؟ } رواه أبو داود والأثرم ولأنه تنبيه لإمامه بما هو مشروع في الصلاة ، فأشبه التسبيح وحديث علي يرويه الحارث وقال الشعبي : كان كذابا ، وقد قال عن نفسه : إذا استطعمك الإمام فأطعمه . يعني إذا تعايى فاردد عليه . رواه الأثرم . وقال الحسن إن أهل الكوفة يقولون : لا تفتح على الإمام . وما بأس به ، أليس يقول سبحان الله وقال أبو داود : لم يسمع أبو إسحاق من الحارث إلا أربعة أحاديث ، ليس هذا منها .

التالي السابق


الخدمات العلمية