صفحة جزء
( 947 ) فصل : إذا سلم على المصلي ، لم يكن له رد السلام بالكلام ، فإن فعل بطلت صلاته . روي نحو ذلك عن أبي ذر وعطاء والنخعي . وبه قال مالك والشافعي وإسحاق وأبو ثور . وكان سعيد بن المسيب والحسن وقتادة ، لا يرون به بأسا ، وروي عن أبي هريرة أنه أمر بذلك . وقال إسحاق : إن فعله متأولا ، جازت صلاته .

ولنا ، ما روى جابر قال { : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حاجة ، فرجعت وهو يصلي على راحلته ، ووجهه إلى غير القبلة ، فسلمت عليه ، فلم يرد علي ، فلما انصرف ، قال : أما إنه لم يمنعني أن أرد عليك إلا أني كنت أصلي } . وقول ابن مسعود { ، قلنا : يا رسول الله ، كنا نسلم عليك في الصلاة فترد علينا ؟ قال : إن في الصلاة لشغلا } . رواهما مسلم . ولأنه كلام آدمي ، فأشبه تشميت العاطس . إذا ثبت هذا فإنه يرد السلام بالإشارة . وهذا قول مالك والشافعي وإسحاق ، وأبي ثور . وعن ابن عباس أنه سلم عليه موسى بن جميل وهو يصلي ، فقبض ابن عباس على ذراعه ، فكان ذلك ردا من ابن عباس عليه . وإن رد عليه بعد فراغه من الصلاة فحسن .

روي هذا عن أبي ذر وعطاء والنخعي وداود ; لما روى ابن مسعود ، قال { : فقدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ، فسلمت عليه ، فلم يرد علي السلام ، فأخذني ما قدم وما حدث ، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة قال : وإن الله يحدث [ ص: 399 ] من أمره ما يشاء ، وإن الله قد أحدث أن لا تكلموا في الصلاة } . فرد علي السلام . وقد روى صهيب ، قال { : مررت برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ، فسلمت عليه ، وكلمته فرد إشارة ، } .

قال بعض الرواة : ولا أعلمه إلا قال إشارة بأصبعه . وعن ابن عمر ، قال : { خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قباء ، فصلى فيه قال : فجاءته الأنصار فسلموا عليه وهو يصلي ، قال : فقلت لبلال : كيف رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرد عليهم حين كانوا يسلمون عليه وهو يصلي ؟ قال يعقوب : هكذا : وبسط - يعني كفه - وجعل بطنه أسفل ، وظهره إلى فوق . } قال الترمذي : كلا الحديثين صحيح . رواهما أبو داود ، والأثرم ، وقد ذكرنا ذلك فيما مضى .

التالي السابق


الخدمات العلمية