صفحة جزء
( 953 ) فصل : وإذا صلى ، ثم رأى عليه نجاسة في بدنه أو ثيابه ، لا يعلم ; هل كانت عليه في الصلاة ، أو لا ؟ فصلاته صحيحة ; لأن الأصل عدمها في الصلاة . وإن علم أنها كانت في الصلاة ، لكن جهلها حتى فرغ من الصلاة ، ففيه روايتان : إحداهما ، لا تفسد صلاته . هذا قول ابن عمر وعطاء وسعيد بن المسيب وسالم ، ومجاهد ، والشعبي ، والنخعي ، والزهري ويحيى الأنصاري ، وإسحاق وابن المنذر . والثانية : يعيد . وهو قول أبي قلابة والشافعي لأنها طهارة مشترطة للصلاة ، فلم تسقط بجهلها ، كطهارة الحدث . وقال ربيعة ومالك : يعيد ما كان في الوقت ، ولا يعيد بعده .

ووجه الرواية الأولى ، ما روى أبو سعيد ، قال { : بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بأصحابه ، إذ خلع نعليه فوضعهما عن يساره ، فخلع الناس نعالهم ، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته قال : ما حملكم على إلقائكم نعالكم ؟ . قالوا : رأيناك ألقيت نعليك ، فألقينا نعالنا . قال : إن جبريل أتاني فأخبرني أن فيهما قذرا } . رواه أبو داود . ولو كانت الطهارة شرطا ، مع عدم العلم بها ، لزمه استئناف الصلاة ، وتفارق طهارة الحدث ; لأنها آكد ; لأنها لا يعفى عن يسيرها ، وتختص البدن ، وإن كان قد علم بالنجاسة ثم نسيها ، وصلى ، فقال القاضي : حكى أصحابنا في المسألتين روايتين . وذكر هو في مسألة النسيان ، أن الصلاة باطلة ; لأنه منسوب إلى التفريط ، بخلاف الجاهل بها . قال الآمدي : يعيد إذا كان قد توانى ، رواية واحدة .

والصحيح التسوية بينهما ; لأن ما عذر فيه بالجهل عذر فيه بالنسيان ، بل النسيان أولى ; لورود النص بالعفو فيه ، بقول النبي صلى الله عليه وسلم { عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان } وإن علم بالنجاسة في أثناء الصلاة ، فإن قلنا . يعذر . فصلاته صحيحة . ثم إن طرح النجاسة من غير زمن طويل ، ولا عمل كثير ، ألقاها ، وبنى ، كما خلع النبي صلى الله عليه وسلم نعليه حين أخبره جبريل بالقذر فيهما . وإن احتاج أحد هذين ، بطلت صلاته ; لأنه يفضي إلى أحد أمرين ; إما استصحاب النجاسة مع العلم بها زمنا طويلا ، أو يعمل في الصلاة عملا كثيرا ، فتبطل به الصلاة ، فصار كالعريان يجد السترة بعيدة منه . ( 954 ) فصل : وإذا سقطت عليه نجاسة ، ثم زالت عنه ، أو أزالها في الحال ، لم تبطل صلاته ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما علم بالنجاسة في نعليه خلعهما ، وأتم صلاته ، ولأن النجاسة يعفى عن يسيرها ، فعفي عن يسير زمنها ، ككشف العورة . وهذا مذهب الشافعي .

التالي السابق


الخدمات العلمية