صفحة جزء
( 100 ) فصول في الفطرة : روى أبو هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { الفطرة خمس : الختان ، والاستحداد ، وقص الشارب ، وتقليم الأظفار ، ونتف الإبط } . متفق عليه . وروى عبد الله بن الزبير ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، { عشر من الفطرة : قص الشارب ، وإعفاء اللحية ، والسواك ، واستنشاق الماء ، وقص الأظفار ، وغسل البراجم ، ونتف الإبط ، وحلق العانة ، وانتقاص الماء } . قال بعض الرواة : ونسيت العاشرة ، إلا أن تكون المضمضة . الاستحداد : حلق العانة ، استفعال من الحديد ، وانتقاص الماء : الاستنجاء به ; لأن الماء يقطع البول ويرده .

قال أبو داود : وقد روي عن ابن عباس نحو حديث عائشة ، قال : خمس كلها في الرأس ذكر منها الفرق ولم يذكر إعفاء اللحية ، قال أحمد : الفرق سنة . قيل : يا أبا عبد الله يشهر نفسه ، { قال : النبي صلى الله عليه وسلم قد فرق ، وأمر بالفرق . } ( 101 ) فصل : فأما الختان فواجب على الرجال ، ومكرمة في حق النساء ، وليس بواجب عليهن . هذا قول كثير من أهل العلم . قال أحمد : الرجل أشد ، وذلك أن الرجل إذا لم يختتن ، فتلك الجلدة مدلاة على الكمرة ، ولا ينقى ما ثم ، والمرأة أهون .

قال أبو عبد الله : وكان ابن عباس يشدد في أمره ، وروي عنه أنه لا حج له ولا صلاة ، يعني : إذا لم يختتن ، والحسن يرخص فيه يقول : إذا أسلم لا يبالي أن لا يختتن ويقول : أسلم الناس الأسود ، والأبيض ، لم يفتش أحد منهم ، ولم يختتنوا . والدليل على وجوبه : أن ستر العورة واجب ، فلولا أن الختان واجب لم يجز هتك حرمة المختون بالنظر إلى عورته من أجله ; ولأنه من شعار المسلمين ، فكان واجبا ، كسائر شعارهم ، وإن أسلم رجل كبير فخاف على نفسه من الختان سقط عنه ; لأن الغسل والوضوء وغيرهما يسقط إذا خاف على نفسه منه ، فهذا أولى .

وإن أمن على نفسه لزمه فعله ، قال حنبل : سألت أبا عبد الله عن الذمي إذا أسلم ، ترى له أن يطهر بالختانة ؟ قال : لا بد له من ذاك . قلت : وإن كان كبيرا أو كبيرة ؟ قال : أحب إلي أن يتطهر ; لأن الحديث : { اختتن إبراهيم وهو ابن ثمانين سنة } ، قال تعالى : { ملة أبيكم إبراهيم } .

ويشرع الختان في حق النساء أيضا ، قال أبو عبد الله حديث النبي صلى الله عليه وسلم : { إذا التقى الختانان وجب الغسل } فيه بيان أن النساء كن يختتن ، وحديث عمر : إن ختانة ختنت ، فقال : " أبقي منه شيئا إذا خفضت " . وروى الخلال ، بإسناده ، عن شداد بن أوس قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : { الختان سنة للرجال ، ومكرمة للنساء } ، وعن جابر بن زيد مثل ذلك موقوفا عليه ، وروي [ ص: 64 ] عن النبي صلى الله عليه وسلم { أنه قال للخافضة : أشمي ولا تنهكي ، فإنه أحظى للزوج ، وأسرى للوجه } . والخفض : ختانة المرأة .

التالي السابق


الخدمات العلمية