صفحة جزء
( 1062 ) مسألة : قال : ( ويكون في حال القيام متربعا ، ويثني رجليه في الركوع والسجود ) وجملته أنه يستحب للمتطوع جالسا أن يكون في حال القيام متربعا ، روي ذلك عن ابن عمر ، وأنس ، وابن سيرين ، ومجاهد ، وسعيد بن جبير ، ومالك ، والثوري ، والشافعي ، وإسحاق . وعن أبي حنيفة كقولنا . وعنه يجلس كيف شاء . وروي عن ابن المسيب ، وعروة ، وابن عمر : يجلس كيف شاء ; لأن القيام سقط ، فسقطت هيئته . وروي عن ابن المسيب ، وعروة ، وابن سيرين ، وعمر بن عبد العزيز ، وعطاء الخراساني ، أنهم كانوا يحتبون في التطوع .

واختلف فيه عن عطاء ، والنخعي . ولنا ، أن القيام يخالف القعود فينبغي أن تخالف هيئته في بدله هيئة غيره ، كمخالفة القيام غيره ، وهو مع هذا أبعد من السهو والاشتباه ، وليس إذا سقط القيام لمشقته يلزم سقوط ما لا مشقة فيه ، كمن سقط عنه الركوع والسجود ، لا يلزم سقوط الإيماء بهما . وهذا الذي ذكرنا من صفة الجلوس مستحب غير واجب ، إذ لم يرد بإيجابه دليل . فأما قوله : { ويثني رجليه في الركوع والسجود } . فقد روي عن أنس . قال أحمد : يروى عن أنس ، أنه صلى متربعا ، فلما ركع ثنى رجله . وهذا قول الثوري .

وحكى ابن المنذر ، عن أحمد ، وإسحاق ، أنه لا يثني رجليه إلا في السجود خاصة ، ويكون في الركوع على هيئة القيام . وذكره أبو الخطاب . وهو قول أبي يوسف ومحمد ، وهو أقيس ; لأن هيئة الراكع في رجليه هيئة القائم ، فينبغي أن يكون على هيئته ، وهذا أصح في النظر إلا أن أحمد ذهب إلى فعل أنس ، وأخذ به . ( 1063 ) فصل : وهو مخير في الركوع والسجود ، إن شاء من قيام ، وإن شاء من قعود ; { لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل الأمرين } .

{ قالت عائشة : لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة الليل قاعدا قط ، حتى أسن ، فكان يقرأ قاعدا ، حتى إذا أراد أن يركع ، قام فقرأ نحوا من ثلاثين آية ، أو أربعين آية ، ثم ركع } . متفق عليه . وعنها ، { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي ليلا طويلا قائما ، وليلا طويلا قاعدا ، وكان إذا قرأ وهو قائم ركع وسجد وهو قائم ، وإذا قرأ وهو قاعد ركع وسجد وهو قاعد } . رواه مسلم . قال الترمذي : كلا الحديثين صحيح ، قال : وقال أحمد وإسحاق : والعمل على كلا الحديثين .

التالي السابق


الخدمات العلمية