صفحة جزء
( 1083 ) مسألة : قال : ( مفصولة مما قبلها ) الذي يختاره أبو عبد الله أن يفصل ركعة الوتر بما قبلها . وقال : إن أوتر بثلاث لم يسلم فيهن ، لم يضيق عليه عندي . وقال يعجبني أن يسلم في الركعتين ، وممن كان يسلم بين الركعتين والركعة ابن عمر حتى يأمر ببعض حاجته وهو مذهب معاذ القارئ ، ومالك ، والشافعي ، وإسحاق ، وقال أبو حنيفة : لا يفصل بسلام

وقال الأوزاعي إن فصل فحسن وإن لم يفصل فحسن . وحجة من لم يفصل قول عائشة : { إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوتر بأربع وثلاث ، وست وثلاث وثمان وثلاث } وقولها { كان يصلي أربعا ، فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ، ثم يصلي أربعا ، فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي ثلاثا } فظاهر هذا أنه كان يصلي الثلاث بتسليم واحد ، وروت أيضا ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوتر بخمس ، لا يجلس إلا في آخرهن } رواه مسلم .

[ ص: 451 ] ولنا ، ما روت عائشة قالت : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي فيما بين أن يفرغ من صلاة العشاء إلى الفجر إحدى عشرة ركعة ، يسلم بين كل ركعتين ويوتر بواحدة . } رواه مسلم وقال النبي صلى الله عليه وسلم { صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خفت الصبح فأوتر بواحدة } متفق عليه وقيل لابن عمر ما مثنى مثنى ؟ قال يسلم في كل ركعتين . وقال عليه السلام { الوتر ركعة من آخر الليل } رواه مسلم وعن ابن أبي ذئب عن نافع عن ، ابن عمر { أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوتر ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم افصل بين الواحدة والثنتين بالتسليم } رواه الأثرم بإسناده وهذا نص .

فأما حديث عائشة الذي احتجوا به ، فليس فيه تصريح بأنها بتسليم واحد وقد قالت في الحديث الآخر : يسلم بين كل ركعتين . وأما إذا أوتر بخمس فيأتي الكلام فيه . إذا ثبت هذا ، فإنه إذا صلى خلف إمام يصلي الثلاث بتسليم واحد تابعه لئلا يخالف إمامه وبه قال مالك وقد قال أحمد في رواية أبي داود في من يوتر فيسلم من الثنتين ، فيكرهونه .

يعني أهل المسجد قال : فلو صار إلى ما يريدون يعني أن ذلك سهل ، لا تضر موافقته إياهم فيه ( 1084 ) فصل : يجوز أن يوتر بإحدى عشرة ركعة وبتسع وبسبع وبخمس وبثلاث وبواحدة ; لما ذكرنا من الأخبار فإن أوتر بإحدى عشرة سلم من كل ركعتين ، وإن أوتر بثلاث ، سلم من الثنتين وأوتر بواحدة وإن أوتر بخمس ، لم يجلس إلا في آخرهن وإن أوتر بسبع ، جلس عقيب السادسة ، فتشهد ولم يسلم ثم يجلس بعد السابعة ، فيتشهد ويسلم وإن أوتر بتسع لم يجلس إلا عقيب الثامنة فيتشهد ثم يقوم فيأتي بالتاسعة ، ويسلم . ونحو هذا قال إسحاق وقال القاضي : في السبع لا يجلس إلا في آخرهن أيضا ، كالخمس .

فأما الإحدى عشرة والثلاث فقد ذكرناهما وأما الخمس فقد روي عن زيد بن ثابت أنه كان يوتر بخمس ، لا ينصرف إلا في آخرها وروى عروة عن عائشة قالت : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة ، يوتر من ذلك بخمس ، لا يجلس في شيء منها ، إلا في آخرها } متفق عليه وعن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { ثم أوتر بخمس لم يجلس بينهن } . وفي لفظ : { فتوضأ ، ثم صلى سبعا أو خمسا ، أوتر بهن ، لم يسلم إلا في آخرهن } . رواه أبو داود . وقال صالح مولى التوأمة : أدركت الناس قبل الحرة يقومون بإحدى وأربعين ركعة ويوترون بخمس ، يسلمون بين كل اثنتين ، ويوترون بواحدة ، ويصلون الخمس جميعا رواه الأثرم وأما التسع والسبع فروى زرارة بن أوفى ، عن سعيد بن هشام ، قال : { قلت يعني لعائشة : يا أم المؤمنين ، أنبئيني عن وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقالت : كنا نعد له سواكه وطهوره ، فيبعثه الله ما شاء أن يبعثه فيتسوك ويتوضأ ، ويصلي سبع ركعات ، لا يجلس فيها إلا في الثامنة فيذكر الله ويحمده ويدعوه ، ثم ينهض ولا يسلم ثم يقوم فيصلي التاسعة ثم يقعد فيذكر الله ويحمده ويدعوه ، ثم يسلم تسليما يسمعنا ، ثم يصلي ركعتين بعدما يسلم وهو قاعد ، فتلك إحدى عشرة ركعة يا بني ، فلما أسن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذه اللحم ، أوتر بسبع ، وصنع في الركعتين مثل صنعه في الأول . قال : فانطلقت إلى ابن عباس فحدثته بحديثها فقال : صدقت } رواه مسلم ، وأبو داود ،

وفي حديث أبي داود ، فقال ابن عباس : هذا هو الحديث . وفيه : أوتر بسبع لم يجلس إلا في السادسة والسابعة ، ولم يسلم إلا في السابعة وفيه من طريق أخرى ويسلم بتسليمة شديدة يكاد يوقظ أهل البيت من شدة تسليمه .

وهذا صريح في أن السبع يجلس فيها عقيب السادسة ولعل القاضي يحتج [ ص: 452 ] بحديث ابن عباس صلى سبعا ، أو خمسا أوتر بهن ، لم يسلم إلا في آخرهن وعن أم سلمة قالت : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بسبع ، أو خمس ، لا يفصل بينهن بتسليم ولا كلام } . رواه ابن ماجه وكلا الحديثين فيه شك في السبع وليس في واحد منهما أنه لا يجلس عقيب السادسة ، وحديث عائشة فيه تصريح بذلك ، وهو ثابت فيتعين تقديمه

التالي السابق


الخدمات العلمية