صفحة جزء
( 1085 ) فصل : الوتر غير واجب وبهذا قال مالك ، والشافعي ، وقال أبو بكر : وهو واجب . وبه قال أبو حنيفة ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال { إذا خفت الصبح ، فأوتر بواحدة } وأمر به في أحاديث كثيرة والأمر يقتضي الوجوب وروى أبو أيوب قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { الوتر حق ، فمن أحب أن يوتر بخمس فليفعل ، ومن أحب أن يوتر بثلاث فليفعل ومن أحب أن يوتر بواحدة فليفعل } . رواه أبو داود ، وابن ماجه . وعن بريدة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول { الوتر حق ; فمن لم يوتر فليس منا ، الوتر حق فمن لم يوتر فليس منا ، الوتر حق فمن لم يوتر فليس منا } ، رواه أحمد في " المسند " من غير تكرار . وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله من ( المسند ) أيضا

وعن خارجة بن حذافة ، قال : { خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات غداة فقال : إن الله قد أمركم بصلاة فهي خير لكم من حمر النعم ، وهي الوتر ، فجعلها لكم فيما بين العشاء إلى طلوع الفجر } رواه أحمد ، وأبو داود .

وعن أبي بصرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول { إن الله زادكم صلاة ، فصلوها ما بين العشاء إلى صلاة الصبح ، الوتر الوتر } . رواه الأثرم ، واحتج به أحمد .

ولنا ، ما روى عبد الله بن محيريز ، أن رجلا من بني كنانة يدعى المخدجي ، سمع رجلا بالشام يدعى أبا محمد يقول : إن الوتر واجب . قال : فرحت إلى عبادة بن الصامت فأخبرته ، فقال عبادة : كذب أبو محمد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { خمس صلوات كتبهن الله تعالى على العباد ، فمن جاء بهن لم يضيع منهن شيئا ، استخفافا بحقهن ، كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة ، ومن لم يأت بهن ، فليس له عند الله عهد إن شاء عذبه وإن شاء أدخله الجنة } . رواه أبو داود وأحمد . وعن علي رضي الله عنه { أن الوتر ليس بختم ، ولا كصلواتكم المكتوبة ، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوتر . ثم قال : يا أهل القرآن أوتروا ، فإن الله وتر يحب الوتر } . رواه أحمد ، في " المسند "

وقد ثبت { أن الأعرابي لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم : ما فرض الله علي في اليوم والليلة ؟ قال خمس صلوات . قال : هل علي غيرهن ؟ قال لا ، إلا أن تتطوع فقال الأعرابي : والذي بعثك بالحق لا أزيد عليهن ، ولا أنقص منهن . فقال : أفلح الرجل إن صدق } ولأنه يجوز فعله على الراحلة من غير ضرورة ، فلم يكن واجبا ، كالسنن ، وقد روى ابن عمر ، أن النبي صلى الله عليه وسلم { كان يوتر على بعيره } . متفق عليه ، وقال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسبح على الراحلة قبل أي وجه توجه ، ويوتر عليها ، غير أنه لا يصلي عليها المكتوبة } . رواه مسلم وغيره . وأحاديثهم قد تكلم فيها ،

ثم إن المراد بها تأكيده وفضيلته ، وأنه سنة مؤكدة ، وذلك حق ، وزيادة الصلاة يجوز أن تكون سنة ، والتوعد على تركه للمبالغة في تأكيده ، كقوله : { من أكل هاتين الشجرتين فلا يقربن مسجدنا }

التالي السابق


الخدمات العلمية