صفحة جزء
( 1113 ) فصل : وفعل الصلاة فيما كثر فيه الجمع من المساجد أفضل ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم { : صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده ، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل ; وما كان أكثر ، فهو أحب إلى الله تعالى } . رواه أحمد في " المسند " ، فإن تساويا في الجماعة ففعلها في المسجد العتيق أفضل ; لأن العبادة فيه أكثر . وإن كان في جواره أو غير جواره مسجد لا تنعقد الجماعة فيه إلا بحضوره ففعلها فيه أولى ; لأنه يعمره بإقامة الجماعة فيه ، ويحصلها لمن يصلي فيه . وإن كانت تقام فيه ، وكان في قصده غيره كسر قلب إمامه أو جماعته ، فجبر قلوبهم أولى .

وإن لم يكن كذلك فهل الأفضل قصد الأبعد أو الأقرب ؟ فيه روايتان : إحداهما قصد الأبعد ; لتكثر خطاه في طلب الثواب فتكثر حسناته . والثانية الأقرب لأن له جوارا ، فكان أحق بصلاته كما [ ص: 5 ] أن الجار أحق بهدية جاره ومعروفه من البعيد . وإن كان البلد ثغرا ، فالأفضل اجتماع الناس في مسجد واحد ليكون أعلى للكلمة ، وأوقع للهيبة ، وإذا جاءهم خبر عن عدوهم سمعه جميعهم ، وإن أرادوا التشاور في أمر حضر جميعهم ، وإن جاء عين الكفار رآهم فأخبر بكثرتهم . قال الأوزاعي : لو كان الأمر إلي لسمرت أبواب المساجد التي في الثغور أو نحو هذا ليجتمع الناس في مسجد واحد .

التالي السابق


الخدمات العلمية