صفحة جزء
( 1114 ) فصل : ولا يكره إعادة الجماعة في المسجد ، ومعناه أنه إذا صلى إمام الحي ، وحضر جماعة أخرى ، استحب لهم أن يصلوا جماعة ، وهو قول ابن مسعود ، وعطاء ، والحسن ، والنخعي ، وقتادة ، وإسحاق . وقال سالم ، وأبو قلابة ، وأيوب ، وابن عون ، والليث ، والبتي ، والثوري ، ومالك ، وأبو حنيفة ، والأوزاعي ، والشافعي : لا تعاد الجماعة في مسجد له إمام راتب ، في غير ممر الناس . فمن فاتته الجماعة ، صلى منفردا ; لئلا يفضي إلى اختلاف القلوب والعداوة والتهاون في الصلاة مع الإمام ، ولأنه مسجد له إمام راتب ، فكره فيه إعادة الجماعة ، كمسجد النبي صلى الله عليه وسلم .

ولنا عموم قوله صلى الله عليه وسلم : { : صلاة الجماعة تفضل على صلاة الفذ بخمس وعشرين درجة . وفي رواية : بسبع وعشرين درجة } . وروى أبو سعيد قال : { جاء رجل ، وقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أيكم يتجر على هذا ؟ فقام رجل ، فصلى معه } قال الترمذي : هذا حديث حسن . ورواه الأثرم ، وأبو داود ، فقال : " ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه " . وروى الأثرم ، بإسناده عن أبي أمامة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله ، وزاد : قال فلما صليا ، قال : " وهذان جماعة " . ولأنه قادر على الجماعة ، فاستحب له فعلها ، كما لو كان المسجد في ممر الناس . ( 1115 ) فصل : فأما إعادة الجماعة في المسجد الحرام ، ومسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسجد الأقصى ، فقد روي عن أحمد كراهة إعادة الجماعة فيها . وذكره أصحابنا ، لئلا يتوانى الناس في حضور الجماعة مع الإمام الراتب فيها إذا أمكنتهم الصلاة في الجماعة مع غيره .

وظاهر خبر أبي سعيد وأبي أمامة ، أن ذلك لا يكره ; لأن الظاهر أن هذا كان في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم والمعنى يقتضيه أيضا ، فإن فضيلة الجماعة تحصل فيها ، كحصولها في غيرها .

التالي السابق


الخدمات العلمية