صفحة جزء
( 1150 ) مسألة : قال : ( وصاحب البيت أحق بالإمامة إلا أن يكون بعضهم ذا سلطان ) . وجملته أن الجماعة إذا أقيمت في بيت ، فصاحبه أولى بالإمامة من غيره ، وإن كان فيه من هو أقرأ منه وأفقه ، إذا كان ممن يمكنه إمامتهم ، وتصح صلاتهم وراءه ، فعل ذلك ابن مسعود ، وأبو ذر ، وحذيفة ، وقد ذكرنا حديثهم ، وبه قال عطاء ، والشافعي . ولا نعلم فيه خلافا ، والأصل فيه قول النبي صلى الله عليه وسلم : { : ولا يؤمن الرجل في بيته ، ولا في سلطانه ، ولا يجلس على تكرمته إلا بإذنه } . رواه مسلم وغيره . وروى مالك بن الحويرث ، عن النبي صلى الله عليه وسلم { : من زار قوما فلا يؤمهم وليؤمهم رجل منهم } . رواه أبو داود .

وإن كان في البيت ذو سلطان فهو أحق من صاحب البيت ; لأن ولايته على البيت وعلى صاحبه وغيره ، وقد أم النبي صلى الله عليه وسلم عتبان بن مالك وأنسا في بيوتهما .

( 1151 ) فصل : وإمام المسجد الراتب أولى من غيره ; لأنه في معنى صاحب البيت والسلطان ، وقد روي عن ابن عمر أنه أتى أرضا له ، وعندها مسجد يصلي فيه مولى لابن عمر ، فصلى معهم ، فسألوه أن يصلي بهم ، فأبى ، وقال : صاحب المسجد أحق . ولأنه داخل في قوله : { من زار قوما فلا يؤمهم . }

( 1152 ) فصل : وإذا أذن المستحق من هؤلاء لرجل في الإمامة ، جاز وصار بمنزلة من أذن في استحقاق التقدم ، لقول النبي : صلى الله عليه وسلم " إلا بإذنه " . ولأن الإمامة حق له فله نقلها إلى من شاء ، قال أحمد : قول النبي صلى الله عليه وسلم : { لا يؤم الرجل في سلطانه ، ولا يجلس على تكرمته في بيته إلا بإذنه } . أرجو أن يكون الإذن في الكل ، ولم ير بأسا إذا أذن له أن يصلي .

( 1153 ) فصل : وإن دخل السلطان بلدا له فيه خليفة فهو أحق من خليفته ، لأن ولايته على خليفته وغيره ولو اجتمع العبد وسيده في بيت العبد فالسيد أولى ، لأنه المالك على الحقيقة ، وولايته على العبد ، وإن لم يكن سيده معهم فالعبد أولى ; لأنه صاحب البيت ، ولذلك لما اجتمع ابن مسعود وحذيفة وأبو ذر في بيت أبي سعيد مولى أبي أسيد وهو عبد ، تقدم أبو ذر ليصلي بهم ، فقالوا له : وراءك . فالتفت إلى أصحابه ، فقال : أكذلك ؟ قالوا : نعم . فتأخر ، وقدموا أبا سعيد ، فصلى بهم وإن اجتمع المؤجر والمستأجر في الدار المؤجرة ، فالمستأجر أولى ; لأنه أحق بالسكنى والمنفعة .

( 1154 ) فصل : والمقيم أولى من المسافر لأنه إذا كان إماما حصلت له الصلاة كلها في جماعة ، وإن أمه المسافر احتاج إلى إتمام الصلاة منفردا . وإن ائتم بالمسافر جاز ، ويتم الصلاة بعد سلام إمامه . فإن أتم المسافر الصلاة جازت صلاتهم . وحكي عن أحمد في صلاة المقيمين رواية أخرى أنها لا تجوز ; لأن الزيادة نفل أم بها مفترضين . والصحيح الأول ; لأن المسافر إذا نوى إتمام الصلاة أو لم ينو القصر ، لزمه الإتمام ، فيصير الجميع فرضا .

التالي السابق


الخدمات العلمية