صفحة جزء
( 1182 ) مسألة : قال : ( فإن ابتدأ الصلاة قائما ، ثم اعتل فجلس ، ائتموا خلفه قياما . ) إنما كان كذلك لأن أبا بكر حيث ابتدأ بهم الصلاة قائما ، ثم جاء النبي صلى الله عليه وسلم فأتم الصلاة بهم جالسا ، أتموا قياما ، ولم يجلسوا .

ولأن القيام هو الأصل ، فمن بدأ به في الصلاة لزمه في جميعها إذا قدر عليه ، كالتنازع في صلاة المقيم يلزمه إتمامها ، وإن حدث مبيح القصر في أثنائها . ( 1183 ) فصل : فإن استخلف بعض الأئمة في زماننا ، ثم زال عذره فحضر ، فهل يجوز أن يفعل كفعل النبي صلى الله عليه وسلم مع أبي بكر ؟ فيه روايتان : إحداهما ، ليس له ذلك . قال أحمد ، في رواية أبي داود : ذلك خاص للنبي صلى الله عليه وسلم دون غيره ; لأن هذا أمر يخالف القياس ، فإن انتقال الإمام مأموما ، وانتقال المأمومين من إمام إلى آخر ، لا يجوز إلا لعذر يحوج إليه ، وليس في تقديم الإمام الراتب ما يحوج إلى هذا ، أما النبي صلى الله عليه وسلم فكانت له من الفضيلة على غيره ، وعظم التقدم عليه ، ما ليس لغيره ، ولهذا قال أبو بكر : ما كان لابن أبي قحافة أن يتقدم بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم

والثانية : يجوز ذلك لغيره . قال أحمد ، في رواية أبي الحارث : من فعل كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر ، ويقعد إلى جنب الإمام ، يبتدئ القراءة من حيث بلغ الإمام ، ويصلي للناس قياما ; وذلك لأن الأصل أن ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم كان جائزا لأمته ، ما لم يقم دليل على اختصاصه به .

وفيه رواية ثالثة ، أن ذلك لا يجوز إلا للخليفة دون بقية الأئمة . قال في رواية المروذي : ليس هذا لأحد إلا للخليفة ; وذلك لأن رتبة الخلافة تفضل رتبة سائر الأئمة ، فلا يلحق بها غيرها ، وكان ذلك للخليفة ; لأن خليفة النبي صلى الله عليه وسلم يقوم مقامه

التالي السابق


الخدمات العلمية