صفحة جزء
( 1199 ) فصل : ولو أحرم منفردا ثم جاء آخر فصلى معه ، فنوى إمامته ، صح في النفل . نص عليه أحمد .

واحتج بحديث ابن عباس ، وهو { أن ابن عباس ، قال : بت عند خالتي ميمونة ، فقام النبي صلى الله عليه وسلم متطوعا من الليل ، فقام إلى القربة فتوضأ ، فقام فصلى ، فقمت لما رأيته صنع ذلك فتوضأت من القربة ، ثم قمت إلى شقه الأيسر ، فأخذ بيدي من وراء ظهره يعدلني كذلك إلى الشق الأيمن } . متفق عليه . وهذا لفظ رواية مسلم .

فأما في الفريضة ، فإن كان ينتظر أحدا كإمام المسجد يحرم وحده وينتظر من يأتي فيصلي معه ، فيجوز ذلك أيضا . نص عليه أحمد ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم أحرم وحده ، ثم جاء جابر وجبارة فأحرما معه ، فصلى بهما ، ولم ينكر فعلهما . والظاهر أنها كانت صلاة مفروضة ، لأنهم كانوا مسافرين .

وإن لم يكن كذلك ، فقد روي عن أحمد أنه لا يصح ، هذا قول الثوري ، وإسحاق ، وأصحاب الرأي ، في الفرض والنفل جميعا ; لأنه لم ينو الإمامة في ابتداء الصلاة ، فلم يصح ، كما لو ائتم بمأموم . وروي عن أحمد أنه قال : في النفس منها شيء . مع أن حديث ابن عباس يقويه . وهذا مذهب الشافعي ، وهو الصحيح إن شاء الله تعالى ; لأنه قد ثبت في النفل بحديث ابن عباس ، وحديث عائشة { : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل وجدار الحجرة قصير ، فرأى الناس شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقام أناس يصلون بصلاته } . وقد ذكرناه .

[ ص: 34 ] والأصل مساواة الفرض للنفل في النية ، وقوى ذلك حديث جابر وجبارة في الفرض ، ولأن الحاجة تدعو إلى نقل النية إلى الإمامة فصح كحالة الاستخلاف ، وبيان الحاجة أن المنفرد إذا جاء قوم فأحرموا وراءه ، فإن قطع الصلاة وأخبر بحاله قبح ، وكان مرتكبا للنهي بقوله تعالى : { : ولا تبطلوا أعمالكم } وإن أتم الصلاة بهم ، ثم أخبرهم بفساد صلاتهم كان أقبح وأشق .

ولأن الانفراد أحد حالتي عدم الإمامة في الصلاة ، فجاز الانتقال منها إلى الإمامة ، كما لو كان مأموما ، وقياسهم ينتقض بحالة الاستخلاف .

التالي السابق


الخدمات العلمية