المسلمون في السنغال (معالم الحاضر وآفاق المستقبل)

عبد القادر محمد سيلا

صفحة جزء
الدولـة والطـرق الصوفيـة

حسب دستور السنغال فإن الدولة علمانية لا تتلون بأي صبغة دينية، لكن ذلك لم يمنع من مشاركتها في حياة الطوائف الدينية الإسلامية والنصرانية، ولا يتصور أن تقف متفرجة أمام قوى روحية واقتصادية واجتماعية متنامية دون أن تحاول احتواءها أو الاستفادة منها، خوفا من إفلات زمام الأمور من يدها والاتجاه بها إلى ما لا يرضيها ولا تحمد عقباه.

تقوم الدولة بدعم الزعامات الدينية ماديا ومعنويا، وترسل وفدا رسميا عنها ليمثلها في الحفلات التي تقيمها الطوائف الطرقية.

وعلى الصعيد المادي تقوم السلطات الرسمية بتقديم مختلف التسهيلات إبان مواسم الطرق: توفير المياه الصالحة للشرب، نصب الخيام، تعبئة العشرات من رجال الشرطة والدرك لحفظ النظام، [ ص: 140 ] والرعاية الطبية، وتقديم مبالغ نقدية لدعم المهرجانات الطرقية، منح تصريحات جماعية للعمال والموظفين الراغبين بالمشاركة في تلك المواسم، تغطية إعلامية واسعة: إذاعة وتلفزة وصحف ... ومقابل هـذا تجني الدولة فوائد جمة: إذ تهتبل المواسم الطرقية فرصة لتلتمس من زعمائها استخدام نفوذهم لدى أتباعهم كي يوفوا بما عليهم من ديون، مثلما تتوصل بهم لتطبيق قرارات إدارية يصعب تنفيذها دون تدخلهم؛ ويتكثف التماس رضاء الزعامات الطرقية يوما بعد يوم لا سيما إبان الحملات الانتخابية -نيابية أو رئاسية- إذ يكفي أحدهم أن يذكر بخير زعيم هـيئة سياسية حتى يتهافت أتباعه للتصويت لذلك الزعيم وتلك الهيئة السياسية ... وقد نتج عن هـذا الوضع أن أصبح زعماء كبريات الطرق سياسيين يشاركون بشكل ملحوظ في اتخاذ القرارات الهامة في الدولة.

التالي السابق


الخدمات العلمية