فقه الدعوة ملامح وآفاق [الجزء الأول]

عمر عبيد حسنة

صفحة جزء
قياس مع الفارق

** كأنما المجتمع الذي ألف حياة معينة بعيدة عن الإسلام، يرى في الذي يخرج على هـذه الحياة المألوفة والمعتادة لديه غرابة فيتهمه بأنه متطرف؛ لأنه [ ص: 24 ] ما ألف هـذا اللون من الالتزام بالسلوك الإسلامي.. حتى إن بعض العاملين في حقل الدعوة وصف بعض الصور بأنه يمكن اعتبار أصحابها من الغلاة، كما كان الحال زمن سيدنا علي رضي الله عنه ، حينما خرج عليه الخوارج ، اعتبرهم من البغاة قياسا على حالة الخوارج، مع أن الأمر في تقديري قياس مع الفارق.

نرى الوضع مختلفا بالنسبة للمجتمعات الحديثة في أكثر من جانب، الحقيقة في نظري: أنه يتم توظيف الأحكام الشرعية التي كانت لحاكم مسلم في مجتمع مسلم في ظروف تاريخية معينة، لواقع آخر فيه كثر من الجوانب المختلفة في الصورة.

يعني: ما يسميه علماء الأصول قياسا مع الفارق.. فأريد بعض الإضاءات على هـذه النقطة إذا تكرمتم علينا؟

أنا أوافقكم مائة في أنه قياس مع الفارق، فليس الآن حكم سيدنا علي رضي الله عنه أو من يقوم مقامه مثلا من الخلفاء الراشدين الذين يمثلون الخلافة الإسلامية الصحيحة، فإذا لم تكن هـناك خلافة إسلامية ولم تكن هـناك خلافة راشدة، فالذي يعارض الحكم بالوسائل المشروعة ويدعو لتطبيق الإسلام لا يعتبر خارجا ولا باغيا.

وما يمكن إطلاق القول في ذلك إطلاقا كليا، إنما يختلف باختلاف الظروف، باختلاف الأسباب الدافعة إلى ذلك. فقد يكون هـؤلاء الذي خرجوا على أوضاع جائزة تحارب الإسلام حربا سافرة، حربا علنية، فيمكن أن يكونوا مجاهدين مثلا في بعض الأمكنة وفي بعض الأحيان. ويمكن أن يكونوا متطرفين أو غلاة في بعض الأحيان.

** يعني، إذا سكتنا عن الذين لا يقرون الإسلام، ويعملون على إزالته، ونقدنا فقط الذين يعملون للإسلام بأسلوب مغلوط فنخشى أن نساهم إلى حد بعيد بعملية تكريس التطرف.

يجب أن نعطي كل واحد حقه من الحكم ومن التطبيق. ننتقدهم إذا كانوا يستحقون النقد.. ننتقدهم بكل صراحة.

** يعني.. في الوقت نتكلم عن أساليب بعض الإسلاميين لا بد لنا أن نتكلم عن انحراف وتقصير الآخرين، طبعا بالحكمة والموعظة الحسنة. [ ص: 25 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية