مقالات في الدعوة والإعلام الإسلامي

نخبة من المفكرين والكتاب

صفحة جزء
6- المنهج الموضوعي في الطرح

إن العقل هـو الأداة الوحيدة لهضم الأفكار والمعاني، لذلك على الخطيب أن يحترم عقول مستمعيه، وأن يبني أفكاره واستنتاجاته ومعانيه على أسس منطقية مقنعة، وألا يفرض أراءه ومواقفه على جمهوره دون أنة يقدم المبررات الشرعية والمنطقية لها، فعندما يحارب الخطيب ظاهرة ما، يجب ألا يلجأ إلى السباب والشتائم في معالجة هـذه الظاهرة، وأن يتجنب شحن الجمهور عاطفيا ضدها دون أن يقنعهم بها بشكل منطقي واضح نزيه، فالعواطف عامل متغير يتأثر بالظروف المحيطة، أما الإقناع المنطقي فهو عامل ثابت يستمد ثباته من الحقائق التي لا تتغير بتغير الزمان والمكان، والإنسان يحب بطبعه أن يتخذ موقفه بنفسه، ويكره أن يفرض عليه أحد الموقف الذي يريده.

لقد ابتلي المسلمون في أيامنا هـذه بأسلوب غريب في معالجة مشاكلهم، ألا وهو أسلوب السب والشتم والتجريح، وبعض خطباء المسلمين يستعملون هـذا الأسلوب في معالجة القضايا الإسلامية على المنبر، فيعلنون الحرب الشعواء مثلا على المسلم الذي يصلي يوم الجمعة فقط ويتهاون بالصلاة في باقي الأيام، ويكفرونه أحيانا، وقد يكون بعض هـؤلاء الذين يحاربهم الخطيب قد حضروا إلى المسجد وفي أنفسهم بعض بذور التوبة التي لما تنضج بعد، فيقضي الخطيب بأسلوبه القاسي على هـذه البذور، ويدفع بهذا الذي يحبو في توبته، بعيدا عن دائرة التوبة، ولو أنه ترفق في حربه، واستخدم الألفاظ الطيبة والأمثلة المؤثرة، لأضاف للمسجد كسبا بهذا التائب الجديد.. وقد يكون للخطيب موقف معين من بعض القضايا الخلافية، فيحاول فرضه على جمهوره، ويقوم بالتقليل من قيمة الرأي المقابل ، وقد يجرح أصحابه، دون أن يترك للجمهور فرصة ليتخذ موقفه من هـذا الأمر على ضوء حجج شرعية ومنطقية مقنعة. [ ص: 67 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية