رؤية إسلامية في قضايا معاصرة

الدكتور / عماد الدين خليل

صفحة جزء
مـحـاولـة لتـصور (المـجـتـمـع) الإسـلامـي

( 1 )

سؤال يطرحه المسلم على نفسه كل يوم.. ويحاول أن (يعيش) الجواب.. إنه أمنيته الغالية، وخبزه اليومي، وحلمه المرتجى، وغده المأمول.. فلا ريب، أن يلح على فكره، ونفسه، ووجدانه، هـذا الإلحاح..

مجتمع يشرع له الله، ويتحرك في أرض الواقع، على عين الله.. ترى كيف تكون صورته؟

نستطيع أن نصنع الجواب عمليا، بالرجوع إلى بعض فترات التاريخ الإسلامي، وبخاصة في عقوده الأولى، حيث كان الالتزام على أشده، ومداه.. ولكن قد تتعثر المحاولة، لكون المصادر (القديمة) ، لا تقدم لنا كل شيء، عن الصورة المبتغاة، لا سيما وأن هـذه المصادر، كانت تقدم جل مادتها عن الأمور السياسية والعسكرية.. ولا تمنحنا ما فيه الكفاية، عن المسائل الحضارية عموما، والاجتماعية على وجه الخصوص.

ونستطيع، أن نصوغ الجواب نظريا، باستمداده من معطيات القرآن، والسنة واجتهادات الصحابة، والتابعين، وتابعيهم بإحسان، رضي الله عنهم جميعا، الأمر، الذي يمكن، أن نجد جوانب منه، في كتب الفقه، والأحكام. ولكن المحاولة لن تتجاوز - في هـذه الحالة - إطارها النظري البحت بحال..

ثم إن العصر الحديث، طرح الكثير من المعطيات، التي ما عرفها الأجداد، وألقى بالعديد من التحديات، التي ما خطرت لهم على بال، واستجدت أمور في مجرى الحياة الاجتماعية، لم تعرف عنها الأجيال السابقة شيئا.. وأنها لبأمس الحاجة، إلى أن توضع في إطارها الصحيح، من نشاط المجتمع الإسلامي المنشود، لأنها أصبحت، تمثل ثقلا كبيرا، في العلاقات الاجتماعية، وتحتل فراغا [ ص: 106 ] واسعا، وإن تجاهلها، أو إهمالها، يعد بمثابة الهروب من المشكلة، لا السعي لإيجاد الحل المقبول لها، في إطار الممارسة الإسلامية .

لن تكون هـذه الصفحات محاولة منهجية، أو أكاديمية، لتصور ما يمكن أن يكون عليه المجتمع الإسلامي، في العصر الراهن، ولن تكون حتى مجرد مقال، يستهدف الإمساك بأطراف الصورة، وإنما هـي مجموعة خواطر، وضوابط، ومؤشرات، عن الموضوع، قد يضاف إليها الكثير فيما بعد.

التالي السابق


الخدمات العلمية