دور المرأة في خدمة الحديث (في القرون الثلاثة الأولى)

آمال قرداش بنت الحسين

صفحة جزء
1- الطبقة الأولى: الصحابيات

وإن كان القـرن الأول الهجري يعد له من السنـة الأولى للهجرة، [ ص: 97 ] إلا أننا لسنا معنيين بفترة العشر سنوات الأولى من حياة الصحابيات، لأنها تختص بعناية النبي صلى الله عليه وسلم بالمرأة تعليما، وإعدادها للمساهمة في نقل الدين والسنة النبوية خصوصا. وعليه ونحن نتكلم عن طبقة الصحابيات نركز على الفترة بين (13- 100هـ) .

معرفة الصحابة

معرفة الصحابة فصل يتأكد الاعتناء به وتمس الحاجة إليه، إذ هـو أمر عظيم وفن مهم، لما يترتب عليه من معرفة المتصل من المرسل، وتمييز الصحابة عن غيرهم، والحكم للصحابة بالعدالة >[1] .

تعريف الصحابي

في اللغة: الصاحب مشتق من الصحبة، ولها معان لغوية كلها تدور حول الملازمة والانقياد >[2] .

في الاصطلاح: والصحابي عند جمهور المحدثين: هـو من لقي النبـي صلى الله عليه وسلم يقـظـة، مؤمـنا به بعـد بعثـته، حـال حيـاته، ومات على الإيمان >[3] . [ ص: 98 ]

شرح التعريف: قوله من لقي النبي صلى الله عليه وسلم : يدخل فيه من طالت مجالسته مثل: أبو بكر ، عمر ، عثمان ، وغيرهم ممن لازم النـبي صلى الله عليه وسلم ، أو قصرت مثل: الوافدين عليه صلى الله عليه وسلم : كضمام بن ثعلبة وغيره، ممن لم يمكث مع النبي صلى الله عليه وسلم إلا قليلا كما ذكر الحافظ ابن حجر >[4] ، أو رآه ولم يجالسه، مثل: بعض الأعراب الذين شهدوا مع النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع ، فإنهم رأوه ولم يجالسوه.

ويدخـل فيـه من روى عنه حديـثا واحدا، ومن روى حديثـين أو أكثر، مثل عائشة أم المؤمنين وأبو هـريرة وغيرهم من مكثري الرواية، أو لم يرو شيئا أصلا.

ويدخل فيه البالغون باتفاق، أما غير البالغـين فقد اشـترط التميـيـز فيهم يحيـى بن معـين ، وأبو زرعـة ، وأبو حـاتم وغيـرهم كما ذكر العراقي >[5] :

- وقوله: يقظة:

يخرج به من لقي النبي صلى الله عليه وسلم في منامه، فإنه ليس صحابيا >[6] ، كماجزم البلقيني والحافظ ابن حجر >[7] ، والسخاوي >[8] . [ ص: 99 ]

- وقوله: مؤمنا به:

فصل يخرج به من لقيه كافرا به، فإنه لا يعد من الصحابة.

ويدخل فيه من لقيه مؤمنا به ثم ارتد وعاد إلى إيمانه في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ولقيه مرة أخرى: عبد الله بن سعد بن أبي السرح >[9] .

- وقوله: بعد بعثته:

خـرج بـه مـن لقيـه مؤمـنـا بـه قبـل بـعثـتـه مثـل: جرجيس ابن عبد القيس المعروف ببحيرا الراهب، فقد عرفه وهو ذاهب إلى الشام، وآمن به قبل بعثته.

- وقوله: حال حياته:

فصل آخر خرج به من لقيه يقظة مؤمنا به بعد انتقاله صلى الله عليه وسلم للرفيق الأعلى مثل:

أبي ذويب الهذلي الشاعر، فقد رآه وهو مسجى قبل أن يدفن.

- وقوله: ومات على الإيمان:

فصل آخر خرج به من لقيه مؤمنا به ثم ارتد واستمر على ردته [ ص: 100 ] حتى الموت، مثل عبيد الله بن جحش >[10] .

عدد الصحابيات الراويات

إن معرفة هـذا العدد مقترنة بمعرفة عدد الصحابة الرواة إجمالا، رجالا منهم ونساء، وعليه نقول: إن الكتب التي صنفت في معرفة الصحابة ضمت الألوف من تراجم هـؤلاء، فعلى سبيل المثال:

- بلغ عدد الصحابة في كتاب الإصابة لابن حجر (773هـ - 852هـ) >[11] (12304) ترجمة، وفيهم من لم تثبت صحبته، وجميع ما في أسد الغابة في معرفة الصحابة لابن الأثير >[12] 7554 نفسا، وفيهم أيضا عدد ممن لم تثبت صحبتهم >[13] .

ثم جاء الذهبي (748هـ) وقام بتجريد أسماء الصحابة من أسد الغابة، وأضاف إليهم من مصادر أخرى، فبلغت تراجمه (8866) صحابي وصحابية، وفيهم من لم تثبت صحبته، ثم إنه لم يقع إحصاء للسكان في عصر النبوة، لكن العلماء ذكروا أرقاما توضح عددهم على وجه التقريب.. هـنا بعض الأمثلة:

أ- ذكر الشافعي أن عدد المسلمين عند وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ستون [ ص: 101 ] ألفا، ثلاثون ألفا بالمدينة وثلاثون ألفا بغيرها >[14] .

ب- وقول أبي زرعة الرازي : شهد حجة الوداع أربعون ألفا، وكان معه بتبوك سبعون ألفا >[15] .

جـ- وصح عن سفيان الثوري أنه قدر عدد الصحابة حين وفاة عمر رضي الله عنه ، باثني عشر ألفا، وذلك بعد أن مات واستشهد الكثيرون منهم في الغزوات والردة والفتوح) >[16] .

د- أقصى تقدير لعدد الصحابة ورد عن أبي زرعة في غير القول السابق، حيث قال: توفي النبي صلى الله عليه وسلم ومن رآه وسمع منه زيادة على مائة ألف إنسان من رجل وامرأة، كلهم قد روى عنه سماعا أو رؤية >[17] .

وأقوال كثيرة غير هـذه ظـاهرها التضاد، لكن في الواقـع هـي أقوال لأصحـابها، كل واحد حكى على قدر تتبعه ومبلغ علمه، وأشـار بذلك إلى وقـت خـاص وحال، فإذا لا تضاد بين كلامهم على قول السخاوي >[18] . [ ص: 102 ]

وعلى كل هـذه الأعداد المذكورة وغيرها، (لم يحصل لنا جميعا، أي كل من صنف في الصحابة، الوقوف على العشر من أساميهم) >[19] .

ولا شك أن العدد الأكبر من الصحابة لم تصل إلينا بواسطتهم أحاديث مروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد ذكر الحاكم أن الرواة عن النبي صلى الله عليه وسلم من الصحابة أربعة آلاف، وتعقبه الذهبي بأنهم نحو من ألف وخمسمائة، لا يبلغون ألفين أبدا >[20] .

ومما يـدل على أن ما ذكره الذهبي هـو الأقرب، الإحصائية التي قام بها الدكتور أكرم ضياء العمري أثناء تحقيقه لكتاب بقي بن مخلد في مقدمتـه (عـدد ما لكـل واحـد من الصحـابة من الحـديـث) حيث ذكر أن:

أ- قائمة الصحابة الرواة التي نظمها ابن الجوزي بلغت (1858) صحابي وصحابيـة، (1642صحابي+216صحـابيـة) ، وفيهم من لا تصح روايته.

وقال: إذا جمعنا عدد الصحابة الذين خـرج لهـم الإمام أحمد في مسنده وعـددهم (904) مع عدد الصحابة الذين أضافهم بقي ابن مخلد في مسنده ممن لم يخرج لهم الإمام أحمد وعددهم [ ص: 103 ] (568) ، ثم الـذين أضـافهم أبو بكر البرقي >[21] ، إلى قـائمة بـقي ابن مخلد ممن لم يخرج لهم بقي ولا الإمام أحمد ، وعددهم (87) ، ثم الذين أضافهم ابن الجوزي >[22] من شتى المصادر الأخرى وعددهم (6) ، فإن عدد الصحابة الرواة يبلغ (1565) صحابيا، ومن ذلك يتبين أن تقدير الحافظ الذهبي لعدد الصحابة الرواة أقرب إلى الصحة من تقدير الحاكم النيسابوري >[23] .

ولما كانت قائمة بقي بن مخلد تضم أعدادا أكبر من الصحابة الرواة، وتحتوي على أعداد أكثر من أحاديثهم، عمدنا إلى اعتبارها في بيان عدد الصحابيات الراويات لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم .

أشهر الصحابيات الراويات عن النبي صلى الله عليه وسلم مرتبات حسب كثرة الرواية

أ- روى عن النبي صلى الله عليه وسلم من أصحاب الألوف -المكثرين- راوية واحدة هـي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، وقد تقدم ذكرها في المبحث السابق، ولـم ترو واحدة من الصحابيات فوق الألف غيـرها، [ ص: 104 ] وأما باقي الـراويات من الصحـابيات فـهن من أصحاب العشرات والآحاد.

ب- ثم قـد روى عـن النبـي صلى الله عليه وسلم من أصحاب المئـين، أم سلمة رضي الله عنها ، وقد تقدم ذكرها أيضا في المبحث السابق.

جـ- وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم من أصحاب العشرات:

أسمـاء بنـت يزيـد بن السكـن ، أم المـؤمنين ميـمـونـة ، أم المؤمنين أم حبيبة ، أم المؤمنين حفصة رضي الله عنهن جميعا، وقد سبق ذكر أمهات المؤمنين.. أسماء بنت عميس >[24] ، أسمـاء بنـت أبي بكر >[25] ، أم هـانئ بنت أبي طـالب >[26] ، أم عطيـة [ ص: 105 ] الأنصـارية >[27] ، فـاطمة بنت قيـس بن خالد >[28] ، أم الفضـل بنت الحـارث >[29] ، أم قيس بنت محصن >[30] ، الربيع بنت معوذ >[31] ، وقد ذكرناهن جميعا لفضلهن وأهمية رواياتهن مع ما عرفن به من الاهتمام بتحصيل العلم وحفظه ثم تبليغه للناس.

* ومن أصحاب الثمانية عشر:

- فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم . [ ص: 106 ]

* ومن أصحاب الأربعة عشر:

- أم سليم بنت ملحان >[32] .

* ومن أصحاب الاثنا عشر:

- الشفاء بنت عبد الله العدوية >[33] ، سبيعة الأسلمية >[34] .

* ومن أصحاب الأحد عشر:

- أم المؤمنين زينب بنت جحش (تقدم ذكرها) ، ضباعة بنت الزبير >[35] ، بسرة بنت صفوان >[36] .

* أصحاب العشرة:

- صفيـة أم المؤمـنين (تقدم ذكـرها) ، أم هـشـام بنت حـارثـة، [ ص: 107 ] أم مبشر >[37] ، أم كلثوم >[38] ، أم كرز >[39] ، أم معقل >[40] .

* أصحاب الثمانية:

- أم الحصين >[41] ، خولة بنت قيس ، زينب امرأة ابن مسعود >[42] ، الفريعة بنت مالك ، خنساء بنت خدام ، أميمة بنت رقيقة .

* أصحاب السبعة:

- أم خـالد بنت خـالد ، أم حـرام بنـت ملحان ، زينـب بنـت أم سلمة ، جويريـة أم المؤمنين (تقـدم ذكرها) ، سلمى مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم .

* أصحاب الستة:

- أم جندب >[43] ، أم العلاء >[44] . [ ص: 108 ]

* أصحاب الخمسة:

- أم بجيـد >[45] ، أم الـدرداء الكبـرى >[46] ، صفيـة بنت شيـبة ، أم أيمن >[47] ، سودة أم المؤمنين .

* أصحاب الأربعة:

- أم صبية >[48] ، أم ليلى >[49] ، أم النذر >[50] ، أم كردم >[51] ، رويبة >[52] ، أم حبيبة بنت سهل .

* أصحاب الثلاثة:

- الصماء بنت بسر ، فاطمة بنت أبي حبيش ، أم سعد >[53] ، [ ص: 109 ] أنيـسة >[54] ، سـلامة بنـت الحر ، درة بنت أبي لهب ، ميمونة بنت سعد .

* أصحاب الاثنين:

- ذكر فيهم ثمانية عشر صحابية نذكر منهن: جدامة بنت وهب ، عائشة بنت قدامة ، أم زياد >[55] ، أم طارق >[56] ، وغيرهن.

* أصحاب الواحد:

ذكر فيهم ثمانية وأربعين صحـابية فيهن: بقـيرة امـرأة القعقاع بن عمرو ، خيرة امرأة كعب بن مالك ، أم فروة >[57] ، أم مالك البهـزية، أم إسحاق الغنوية >[58] ، أم أيوب >[59] ، وغيرهن.

التالي السابق


الخدمات العلمية