استخـدام الرسول صلى الله عليه وسلم الوسائل التعليمية

حسن بن علي البشاري

صفحة جزء
الفصل الرابع

النتائج والتوصيات والمقترحات

أولا: النتائج

بعد هذه المعالجة المتواضعة لموضوع الوسائل التعليمية التي استخدمها الرسول في تعليم أصحابه رضي الله عنهم، نأمل أن نكون قد وفقنا في تقديم إجابات شافية عن أسئلة الدراسة التي وردت في المقدمة، ومن ثم تحقيق الأهداف المرجوة.

وللتحقق من ذلك يمكن استعراض الأسئلة، والإجابة عن كل سؤال على حدة.

- السؤال الأول: هل استخدم الرسول الوسائل التعليمية في تعليم أصحابه صلى الله عليه وسلم؟

والجواب بالإثبات، حيث قدمت الدراسة عشرات الأدلة على استخدام الرسول للوسائل التعليمية في تعليم أصحابه. وهي وسائل متنوعة في مواقف مختلفة ومناسبات عديدة، الأمر الذي يجعلنا نجزم بأن ذلك المسلك من الرسول المعلم، مسلك مقصود لزيادة البيان، وتثبيت المعاني المنشودة في عقول الحاضرين. [ ص: 151 ]

- السؤال الثاني: ما الوسائل التي استخدمها الرسول في تعليم أصحابه ؟

والجواب: أن الرسول المربي قد استخدم وسائل تعليمية متنوعة ما بين بصرية وسمعية بصرية، بما يتناسب مع مقتضيات الموقف التعليمي، وفي حدود الإمكانات المتاحة حينئذ.

ومن الوسائل التي أوردتها الدراسة: الإشارة بالأصابع، الإشارة باليد، الإشارة باليدين معا: التشبيك بين الأصابع، الإشارة إلى الوجه والكفين، الإشارة إلى الفم، الإشارة إلى السمع والبصر، الإشارة إلى الصدر، الإشارة إلى الحلق، الإشارة إلى اللسان، استخدام الحصى، استخدام العصا، الرسم على الأرض، العروض أوالتوضيحات العملية، استخدام المجسمات الدمى، استخدام الأشياء الحقيقية.

وإذا وضعنا في الحسبان أن البيئة في عهد النبي لم تكن لتساعد على توفيـر وسائل تعليـميـة كثيرة، وأن الرسول أمي لا يقرأ ولا يكتب، سنجد أن تلك الوسائل التي استخدمـها الرسول في تعليم أصحابه، تعد متقدمة، ووافية بالغرض. [ ص: 152 ]

- السؤال الثالث: ما أثر الوسائل التعليمية التي استخدمها الرسول على العملية التعليمية ؟

من خلال استعراض الأحاديث السابقة نجد أن الوسائل التعليمية التي استخدمها الرسول، كان لها آثار إيجابية واضحة على العملية التعليمية، مثل: تأكيد معنى، أو زيادة وضوح وبيان، أو إبراز أهمية الموقف التعليمي، أو إطالة أمد التعلم، أو إثارة انتباه المتعلمين، ونحو ذلك من الفوائد والمزايا التربوية. حتى إن بعض الصحابة ظلوا يتذكرون الوسيلة التعليمية التي استخدمها الرسول أمامهم بعد سنوات من مشاهدتها، مما يؤكد عظيم الأثر الذي تركته في نفوسهم، مثل قول أبي هريرة رضي - عنه: كأني أنظر إلى النبي يمص إصبعه. وكقـول البراء بن عازب رضي الله عنه : سمعت رسول الله - وأشار بأصابعه - وأصابعي أقصر من أصابع رسول الله، يشير بإصبعه، وكقول أبي هريرة أيضا: رأيت رسول الله يقرأها ويضع إصبعيه.

- السؤال الرابع: إذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام قد استخدم الوسائل التعليمية، فماذا يعني ذلك بالنسبة للمربين المسلمين في الوقت الحاضر؟ [ ص: 153 ]

والجواب: أن ذلك الاستخدام من قبل الرسول المعلم، يعني مشروعية استخدام تلك الوسائل وما في معناها في تدريس الدين وغيره من المواد الدراسية، لما في استخدام الوسائل التعليمية من مزايا وفوائد تساعد على نجاح المربي في أداء رسالته التعليمية التربوية، ولأن الله عز وجل قد جعل رسوله الكريم أسوة حسنة للمسلمين أجمعين.

فحري بالمربين المسلمين التأسي بهديه في تعليم الناس أمور دينهم ودنياهم، والاستخدام الأمثل لوسائل التعليم التي رأينا كيف أن الرسول الكريم مارسها في مواقف تعليمية كثيرة ومتنوعة بصورة لا تدع مجالا للشك في أنه عمل مقصـود في هديه في تعلـيم أصحابه رضي الله عنهم ، لا سيما إذا تذكرنا أن ما أوردناه في هذه الدراسة إن هو إلا غيض من فيض، وقليل من كثير، وكتب السنة المطهرة تزخر بالكثير من ذلك، ولم يكن القصد الاستقصاء، بل الإتيان بنماذج وأمثلة ليس إلا.

وإذا كان الرسول المعلم قد استخدم وسائل تعليمية في تعليم الكبار، فإن الصغار أشد حاجة إليها، لأنه يصعب عليهم إدراك المفهومات المجردة بدون استخدام وسائل تساعدهم على الفهم والإدراك. [ ص: 154 ]

* وأخيرا، فإن هذه الدراسة، ربما اعتبرت إسهاما متواضعا في الجهود الرامية إلى التأصيل الإسلامي للعلوم النفسية والتربوية. حيث إنه لا توجد -حسب علم الباحث- دراسة مستقلة تبحث في الوسائل التعليمية التي استخدمها الرسول المربي في تعليم أصحابه رضي الله عنهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية