الغرب ودراسة الآخر (أفريقيا أنموذجًا)

علي القريشي

صفحة جزء
ثالثا: الغايات

يختلف الدارسون حول تحديد وظيفة العلوم الإنسانية والاجتماعية، فمنهم من يقصرها على البحث فيما هـو كائن، والاشتغال بالكشف عن حقائق ما هـو كائن، دون تجاوز ذلك إلى ما ينبغي أن يكون، فيما يتحدث آخرون عن وظيفة اجتماعية للعلم تتجلى في فهم الواقع، وتفسيره، ومعالجة مشكلاته، والتخطيط لمواجهتها، فضلا عما يمكن أن تنطوي عليه هـذه الوظيفة من أبعاد معرفية وتربوية.

النظرة الأولى تتعامل مع العلم بشكل منعزل عن أية مهام اجتماعية أو غايات مقصودة، فتفصل بذلك بين العلم وعمليات التغيير أو الإصلاح، وبالتالي تفصل بين المكتشف وتوظيف الاكتشاف.

والحقيقة أن هـذه النظرة لا أساس لها من الواقع؛ لأن العلم لا ينطلق من فراغ، بل تحكمه مسلمات وقيم وفلسفة ورؤية، وهذا إذ يصدق على العلم الإنساني يصدق على العلم الطبيعي، حتى أن تلك المسلمات والمنطلقات قد تتسلل لتسهم في صياغة المفاهيم والنظريات وتوجه مناحي التحليل والتفسير، فضلا عن اختيار الموضوعات والظواهر التي تخضع للبحث، ناهيك عن تحديدها الغايات والأهداف التي كثيرا ما تترجم عبر صيغ «الضبط الاجتماعي» و «الهندسة الاجتماعية» و «التخطيط الاجتماعي» حيث توضع النتائج العلمية في إطار تطبيقات مختارة، الأمر الذي يكسب العلم وظيفته الاجتماعية، وحتى طابعه الآيديولوجي.

إن مصطلحات «الفهم» و «التنبوء» و «الضبط» و «التحكم» التي تسود لغة الجماعات العلمية، تثير ولا شك التساؤل: كيف يتم الفهم، وعلى [ ص: 91 ] أي أساس؟ وكيف يجري الضبط والتحكم؟ ومتى؟ ومن أجل من؟ واستنادا إلى أي مشروع أو نمط ؟ وما الأشكال التي يتم فيها ذلك ؟ وما الحالات التي يتم ضبطها والتحكم فيها ؟ وما الحالات التي تترك ولا تخضع إلى كل ذلك؟.. ثم على أي نحو توضع الحلول المناسبة؟

إن الإجابة عن كل ذلك لا يفرضها العلم بقدر ما تفرضها الآيديولوجيات أو الغايات أو المصالح المستهدفة، ولعلنا رأينا كيف أن ذلك بات واضحا في أنماط الفهم والتفسير والتحكم، التي يبلورها الباحث الغربي وهو يدرس الظواهر والحالات الإنسانية في المجتمعات الأخرى، كأفريقيا المسلمة.

وإذا كان الجدل الدائر قد يفرز منحى يتحدث عن العلم منفصلا عن استخداماته، وآخر يتحدث عنه مرتبطا بالغايات والاستخدامات، فالحقيقة التي لا بد من إدراكها هـي أن العلم لا قيمة له ولا معنى إذا لم يكن مرتبطا بوظائفه الاجتماعية وغاياته المرجوة، كما يجب أن لا نغفل حقيقة أن كل علم لا ينتج صياغاته «العلمية» إلا انطلاقا من مسلماته، ولا تتحرك أنشطته (اختيار الموضوعات، ومداخل المقاربة، وتحديد اتجاهات التفسير، وصياغة المفاهيم، ووضع النظريات، واختيارات مناهج البحث) إلا سعيا وراء أهدافه وغاياته، وبالتالي فادعاء الموضوعية المطلقة والتجرد الكامل في سياق هـذه الأنشطة ما هـو إلا وهم من الأوهام.

إن أكثر العلوم الإنسانية الغربية تقدما كعلم الاقتصاد، وعلم الاجتماع، وعلم النفس، هـي في حقيقتها قائمة على افتراضات قيمية واستبطانات غائية، وهو ما نراه في مفاهيم «المنفعة» و «المصلحة» و «التكامل» و «الاستقرار» و «الاتزان» و «التكيف» و «السواء» [ ص: 92 ] و «الانحراف»



>[1] و «الحاجة» و «الفقر» و «المساواة» و «العدالة» وغيرها من المفاهيم التي تنطوي على تصورات لما ينبغي أن يكون، أو تفسيرات تحمل في طياتها رؤى فلسفية أو أهدافا اجتماعية أو حضارية معينة.

كما أن مناهج البحث وأدواته هـي الأخرى لا تسلم من ذلك الاستبطان والتحكمات، «فالمنهج الوظيفي»، وهو ينطلق من مسلمة تكامل النسق الاجتماعي واستقراره، ويغفل عوامل الصراع الكامنة فيه، إنما يعبر عن مقصد خدمة النظام وتكريس الواقع. كما أن «المنهج الأمبيريقي» بخاصة في أشكاله المتطرفة، حين يسأل فيه الباحث عن كيفية حدوث الظاهرة، وينسى أسبابها، ويتعامل مع تفصيلاتها منفصلة عن النسق الكلي



>[2] إنما يكشف عن منحى ينصرف عن فكرة التغيير، ويكتفي بالمعالجة الإصلاحية الموضوعية، وبالتالي يكرس التكيف مع الواقع.

غايات العلم في المنهج المعرفي الإسلامي

لا شك أن العلم في الرؤية المعرفية الإسلامية ينطوي على غايات «علمية» وأخرى «اجتماعية»، وإذا كان اختيار الباحث لموضوعاته ومفاهيمه يتم في إطار المقتضى الموضوعي، الذي تفرضه ضرورات البحث عن الحقيقة، وهدف التوصل إلى النتائج العلمية الصحيحة، فالتحليل والتفسير سينطويان على خصوصية إسلامية قد لا تتفق مع التحليل والتفسير اللذين يقدمهما باحث آخر يصدر عن رؤية أخرى. إن النص والعقل، فضلا عن المعطيات [ ص: 93 ] الموضوعية، ستأتلف لتشكل نمط التحليل والتفسير لدى الباحث المسلم.

ومما يجب أن نشير إليه هـنا هـو أن الباحث المسلم يتميز عن غيره بأنه لا يتجاهل الأبعاد الروحية والغيبية في عمليات التحليل أو التفسير، فضلا عن عدم تجاهله القيم التي تحكم الواقع على نحو ما، ذلك أن الموضوعية في المنهج الإسلامي تضع كل المكونات التي تتحكم أو تؤثر في تشكيل الظواهر بنظر الاعتبار، بل لعل العوامل غير المادية التي غالبا ما يغفلها العقل الوضعي تمثل المركز الأساس في فكر الإنسان وحركة حياته، وهي تمثل بالنتيجة جزءا حيويا من الواقع؛ ولطالما غاب ذلك عن ذهن الباحث الغربي وهو يدرس (الآخر) المسلم بوجه خاص.

ثم إن العلم في الرؤية المعرفية الإسلامية إذ ينطوي على بذل الجهد لتحديد الوقائع كما هـي، لا يبتعد في الوقت نفسه عن خدمة المجتمع، والتمهيد لنجاح المشروع الحضاري الإسلامي، مع الالتزام بعدم تجاوز المقتضيات الأخلاقية والإنسانية فيما ينجز من بحوث، «فالإعمار» و «الإنقاذ» و «الرحمة» و «الخير» هـي مبادىء تطوق العلم وتحدد استخداماته في كل الأحوال.

فضلا عن أن البحث في المنظور الإسلامي لا يتجنب محاكمة الواقع ونقده وتقويم ظواهره وفقا للمعيارية الإسلامية (القيم، النظرية الاجتماعية الإسلامية، الغايات) . وحتى في ظل غياب النظام الإسلامي، يمارس هـذا البحث عمليات التقويم المذكورة، كما يعمل على كشف مدى اقتراب الواقع أو ابتعاده عن ثوابت النظرية الاجتماعية الإسلامية وقيمها، سواء أكان ذلك في النواحي الأسرية أو الاجتماعية أو السياسية أو الاقتصادية أو غيرها. [ ص: 94 ]

وإذا كانت السنن والقوانين النسبية، التي يستخرجها الباحث الغربي تمثل معطيات واقعية يفرزها واقع نظامه القائم، فإن الباحث المسلم في ظل غياب نظامه الإسلامي النموذجي لا يتخلف عن استخراج السنن والقوانين التي يمكن توقعها واشتقاقها في حالة تصور التطبيق الإسلامي، وبالتالي وضع المفاهيم والنظريات المعبرة عنها وعن ذلك الواقع المفترض. وفي هـذا مغزى تغييري يمارسه العلم في منظوره الإسلامي، سيما وأن هـذا اللون من الجهد يجد له أساسا موضوعيا في الواقع، حيث إن الكثير من أبناء المجتمع المسلم يتفاعل، ولو على المستوى النفسي أو النظري، مع الواقع المفترض، المشار إليه.

الحقائق النسبية وأهميتها في بناء العلوم الإنسانية والاجتماعية في المجال الأفريقي المسلم

إذا كانت المسلمات والثوابت الإسلامية تمثل قاعدة البحث ومنطلقاته في الدراسات الإسلامية، مثلما تمثل الحقائق المطلقة جسد المعرفة وهيكلها الأساس، فإن المعطيات الموضوعية النسبية التي يفرزها الواقع الاجتماعي المحدد تمثل العنصر الخاص في بناء المعرفة، حيث تتميز معرفة الجماعات وتتمايز قضاياها الإنسانية والاجتماعية وفقا لمنطق «جغرافية الكلمة أو القضية» على نحو ما أشار إليه عالم الاجتماع الإيراني علي شريعتي



>[3] ، بمعنى أن الواقع المحدد بمكان أو زمان أو نظام، وهو ينطوي على جملة من الظواهر التي لها سماتها ومعالمها وعواملها وأسبابها واتجاهاتها والتباساتها، قد لا تتماثل مع الظواهر المناظرة لها في إطار واقع آخر، ولو كان لكلا الواقعين [ ص: 95 ] انتماء آيديولوجي واحد. وتعليل ذلك أن لكل ظاهرة منطقها الخاص، كما أن لكل مجتمع قوانينه الخاصة.

وإذا كان من خصائص المنهج المعرفي الإسلامي الاعتراف بهذا المستوى من الحقائق



>[4] واعتبارها أحد عناصر المعرفة الموضوعية، التي تعتمد كأساس في التحليل والتنظير وصياغة المفاهيم، فهذا يعني أنه لا بد من إيلاء الحقائق التي يختص بها المجتمع الأفريقي المسلم الاهتمام الكافي والتفحص الدقيق، وقيمة هـذا المستوى من المعرفة تتجلى فيما توفره من حقائق خاصة ومعلومات نوعية يمكن في ضوئها الوصول إلى النتائج والأحكام الدقيقة. وكل ذلك من شأنه إحداث التطور في حركة البحث العلمي في الإطار المذكور.

في هـذا السياق، يمكننا إيرادبعض الأمثلة للحقائق النسبية الأفريقية:

- ظاهرة النمو اللغوي عند الأطفال: للعالم الفرنسي المعروف « بياجيه » نظرية في النمو اللغوي تقول: بأن ثمة وظيفة رمزية مستقلة وكامنة هـي المسئولة عن الكلام، لا تظهر إلا حينما يبلغ الطفل مقدارا من النضج، وإذا صحت هـذه النظرية تجريبيا على الأطفال الفرنسيين أو الأوربيين عموما، فهل هـي صادقة التطبيق على كل أطفال العالم؟

في دراسة قام بها المركز الدولي للطفولة، أخذت مجموعة من الأطفال من بيئة أفريقية في سن واحدة، وقورنت بمجموعة مثلها، ولكن من بيئة أوربية، فوجد بأنه بقدر ما تتفوق المجموعة الأفريقية لغويا وذهنيا على المجموعة الأوربية، في المرحلة التي تقع بين سن الولادة وسن الثانية، تتراجع [ ص: 96 ] هـذه المجموعة على الصعيد المذكور بعد تلك السن، فيما تتقدم المجموعة الأوربية بعد السن الثانية على الصعيدين اللغوي والنفسي. علل ذلك بأن الطفل الأفريقي وهو في بداية عمره، حيث تلازمه أمه وتحمله على ظهرها أو صدرها طوال اليوم، وتقدم له ثدييها عند كل طلب، يتحقق له الإشباع الوجداني الذي تنشط معه الإمكانات الذهنية واللغوية، فيما لا ينعم الطفل الأوربي في المرحلة المذكورة بما ينعم به الطفل الأفريقي من إشباع، إلا أنه بعد سن الثانية يحدث العكس، حيث يبدأ المستوى الذهني واللغوي بالتباطؤ عند الطفل الأفريقي حيث لا يجد في بيئته المحيطة المثيرات التنموية اللازمة على الصعيدين، اللغوي والذهني، فيما يجد الطفل الأوربي لغة مفعمة بالمغريات الثقافية، الأمر الذي يحفز عنده حركة النمو الذهني واللغوي. وقد أقيم الدليل التجريبي على هـذه الظاهرة باستخدام جملة من «الروائز» التي أعدتها لهذه الغاية مجموعه دولية من كبار المتخصصين



>[5] .

أليس في ذلك دلالة على إمكانية اختلاف «الحقيقة العلمية» باختلاف البيئات الاجتماعية والثقافية، الأمر الذي يجعل الحقيقة «حقيقة نسبية» وبالتالي يتوجب التعامل معها على هـذا الأساس ؟

- مفهوم البطالة : يمكن أيضا أن نتابع تجليات النسبية من خلال صياغة مفهوم البطالة، الذي يتحدد في الدراسات الغربية اشتقاقا من الواقع الرأسمالي، وفقا لثلاثة شروط هـي: أن العاطل هـو من ليس لديه عمل، وأنه في صدد البحث عن عمل، وأنه جاهز للالتحاق بعمل. فاذا كانت هـذه [ ص: 97 ] الشروط هـي التي تكسب مفهوم البطالة موضوعيته فلأن هـذا المفهوم قد ارتبط بقوانين النظام الرأسمالي، ولا يكون له من معنى إذا ما أسقط على إطار اجتماعي آخر لا تتماثل فيه شروط العمل ولا آليات السوق، كما هـو الحال في النظام الاجتماعي، الذي يقوم على اقتصاد الكفاف الذي عليه العديد من المجتمعات الأفريقية المسلمة.

إن التركيز الرأسمالي من ناحية، والتداعي المستمر لاقتصاد الكفاف من ناحية أخرى، له أثره في بلورة شروط العاطل، وبالتالي لا يصح القول، في ظل مجتمع الكفاف، بأن حركة العاملين تتحدد تبعا لحركة رأس المال، كأن نقول: بأنه بسبب التزايد الديموغرافي السريع أو البطيء يكون عرض العمل كبيرا أو ضئيلا، كذلك لا يصح التركيز على المقارنة الكمية بين وتيرة تزايد السكان ووتيرة نمو الإنتاج لنقول: بأن زيادة السكان بوتيرة أسرع من النمو الرأسمالي والإنتاج تؤدي إلى الفائض في عرض العمل وبالتالي البطالة.

إن الكلام عن سوق العمل بتعابير العرض والطلب إذا كان يتطابق مع واقع التراكم الرأسمالي، بصفته محددا لكافة أشكال الفائض، فهذا لا ينطبق على واقع اقتصاد الكفاف كالاقتصاد الأفريقي، الذي يعاني من ظاهرة التفاوت الحاصل بين وتيرة تدمير القطاعات التقليدية ووتيرة إحلال الفروع الرأسمالية الذي يؤدي بدوره، إلى أنشطة عاجزة بنيويا عن استيعاب الفائض الحاصل. كما أن الزيادة السكانية في المجال الرأسمالي تمثل مرحلة مؤقتة، فيما تمثل ظاهرة عضوية مستمرة في المجال الأفريقي، الذي يتميز باستمرارية معدل الولادة وزيادة السكان.

من ناحية أخرى، نجد أن القرابة في المجتمع الأفريقي المسلم تلعب دورا في مواجهة احتمال البطالة، ففئات النساء ومن هـم دون سن العشرين [ ص: 98 ] قد لا يكونوا مجبرين على العمل، وذلك بناء على وجود مبدأ التضامن الأسري، الذي يسود هـذا المجتمع، وبالتالي لا يرتكز توزيع الدخل هـنا بالضرورة على الأسس الإنتاجية.

هذه الحقائق المتفاوتة ستجعل من مبدأ الفائض السكاني وأثره في البطالة حقيقة نسبية، تتباين من مجتمع إلى آخر، وذلك بحسب مؤثرات النظام السائد، الأمر الذي يقتضي إعادة إنتاج مفهوم علمي آخر للبطالة في إطار البيئة الأفريقية المسلمة، واستبدال المقاييس والمقولات الإحصائية لجعلها أكثر قربا من منطق وآليات البناء الاجتماعي الأفريقي. كما لا بد من التخلص من تبعية الدراسات السكانية ذات المنهج «المالتوسي» التي تجعل من التزايد الديموغرافي و فتوة السكان محددات أساسية لعدم التوازن بين عرض العمل والطلب



>[6] .

- الظاهرة الصوفية: إذا كنا في المثالين السابقين نشير إلى نسبية الحقيقة العلمية، على قاعدة اختلاف المجتمعات والنظم التي تتحكم في إنتاج الحقيقة، فهذه النسبية تبرز حتى على نطاق الظاهرة الواحدة في مجتمعين ينتميان إلى دين أو حضارة واحدة، كما هـو الحال مع الظاهرة الصوفية. فاذا ما قارنا هـذه الظاهرة وهي في أفريقيا المسلمة بنظيرتها في مجتمعات مسلمة أخرى يتعين علينا أن نحدد عناصرها وخصائصها وفقا لسياقها التاريخي ومعطياتها المحلية الخاصة، لا بحسب التصورات المأخوذة عن الظاهرة في مكان آخر.

فإذا كان التصوف في بعض البلاد الآسيوية وبعض بلاد أفريقيا العربية قد لازمته بوجه عام ألوان من الانحرافات والبدع وسلوكيات التواكل، فهو [ ص: 99 ] في أفريقيا قد اختلف نسبيا، سواء في طبيعته أو في برامجه أو تاريخه، ففي أفريقيا تصعب التفرقة بين الصوفي والفقيه، بل إن الفقيه وشيخ الطريقة مصطلحان لمعنى واحد، ولا يشار إلى أي منهما إلا بلفظ واحد، فهو «مرابوط» في اللغة السنغالية و «الشيخ» في اللهجة الجزائرية، و «الفكي» في اللهجة السودانية و «موديو» و «فوديو» في اللغة الفلانية و «ما لم» في لغة الهوسا و «معلم» في اللغة السواحيلية



>[7] .

يضاف إلى ذلك أن الصوفية في أفريقيا لها تميزها الذي اكتسبته من خلال أدوارها الفعالة في الجهاد ضد المستعمر، ناهيك عن دورها في مواجهة الأنشطة التبشيرية، فضلا عن إسهامها في التربية والبناء وتعليم الدين واللغة العربية



>[8] .

ومن هـنا يمكن القول: بأن العمل على معرفة الظاهرة المتكررة في مناطق جغرافية مختلفة، في ضوء عوامل تكونها وأنماط حركتها ومعطياتها الخاصة، أمر من شأنه أن يوفر الدقة ويكسب المعالجة حصانة ضد الخلط واللبس. غير أن الاعتراف بالحقيقة النسبية في إطار المنهج المعرفي الإسلامي لا يمنع من نقدها وتقويمها استنادا إلى القواعد الشرعية والمعيارية (الفكرية والسلوكية والشعائرية) وعلى النحو الذي يضمن المعالجة العلمية قيمتها التصويبية وفعلها التغييري.

وفي الفصل التالي سنتابع هـذه النسبية بشكل أوسع، في سياق معالجة الواقع الأفريقي المسلم، وفقا للمنهج المعرفي الإسلامي. [ ص: 100 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية