كشاف القناع عن متن الإقناع

البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

صفحة جزء
( ثم ) إن استويا في الجودة وعدمها فالأولى بالإمامة ( الأكثر قرآنا الأفقه ، ثم الأكثر قرآنا الفقيه ، ثم ) إن استويا [ ص: 472 ] في القراءة ( فالقارئ الأفقه ، ثم القارئ الفقيه ثم القارئ العارف فقه صلاته ، ثم الأفقه ) والأعلم بأحكام الصلاة ، وإن كان أميا ، إذا كانوا كلهم كذلك ، لحديث أبي مسعود البدري قال قال النبي صلى الله عليه وسلم { يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة ، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سنا ولا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه ، ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه } رواه مسلم .

( ومن شرط تقديم الأقرأ : أن يكون عالما فقه صلاته ) وما يحتاجه فيها ; لأنه إذا لم يكن كذلك لا يؤمن أن يخل بشيء مما يعتبر فيها ( حافظا للفاتحة ) ; لأن الأمي لا تصح إمامته إلا بمثله ( ولو كان أحد الفقيهين ) المستويين في القراءة ( أفقه أو أعلم بأحكام الصلاة قدم ) ; لأن علمه يؤثر في تكميل الصلاة ( ويقدم قارئ لا يعلم فقه صلاته على فقيه أمي ) لا يحسن الفاتحة ، ; لأنها ركن في الصلاة بخلاف معرفة أحكامها ( ثم ) إن استويا في القراءة والفقه يقدم ( الأسن ) { لقوله صلى الله عليه وسلم لمالك بن الحويرث إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم } متفق عليه ولأنه أقرب إلى الخشوع وإجابة الدعاء ( ثم ) إن استويا فيما تقدم فالأولى ( الأشرف وهو من كان قرشيا ) إلحاقا للإمامة الصغرى بالكبرى لقوله صلى الله عليه وسلم { الأئمة من قريش } وقوله { قدموا قريشا ولا تقدموها } والشرف يكون بعلو النسب .

( فتقدم منهم بنو هاشم ) لقربهم من النبي صلى الله عليه وسلم ( على من سواهم ) كبنى عبد شمس ونوفل ( ثم الأقدم هجرة بسبقه إلى دار الإسلام مسلما ) وعلم منه بقاء حكم الهجرة وأما قوله صلى الله عليه وسلم { لا هجرة بعد الفتح } فالمعنى : لا هجرة من مكة بعد أن صارت دار إسلام ( ومثله السبق بالإسلام ) فيقدم السابق به على غيره إذا استويا في عدم الهجرة كما لو أسلما بدار إسلام ; لأن في بعض ألفاظ حديث أبي مسعود { فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم مسلما أي إسلاما } ، ولأنه قربة وطاعة كالهجرة ( ثم الأتقى والأورع ) لقوله تعالى { إن أكرمكم عند الله أتقاكم } فيقدم على الأعمر للمسجد ; لأن مقصود الصلاة هو الخضوع ، ورجاء إجابة الدعاء ، والأتقى والأورع أقرب إلى ذلك .

قال القشيري في رسالته : الورع اجتناب الشبهات زاد القاضي عياض في المشارق : خوفا من الله تعالى ، وتقدم الكلام على التقوى والزهد في الخطبة [ ص: 473 ]

قال ابن القيم : الفرق بين الزهد والورع أن الزهد ترك ما لا ينفع في الآخرة ، والورع ترك ما يخشى ضرره في الآخرة ( ثم ) إن استووا في ذلك يقدم ( من يختاره الجيران المصلون ، أو كان أعمر للمسجد ) هذه طريقة لبعض الأصحاب ، منهم صاحب الفصول والشارح والمذهب ، كما في المقنع والمنتهى وغيرهما يقرع ( ثم قرعة ) مع التشاح ; لأن سعدا أقرع بين الناس يوم القادسية في الآذان ، والإمامة أولى ، ولأنهم تساووا في الاستحقاق وتعذر الجمع فأقرع بينهم كسائر الحقوق .

التالي السابق


الخدمات العلمية