كشاف القناع عن متن الإقناع

البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

صفحة جزء
( ولا ) تصح الصلاة [ ص: 477 ] ( خلف عاجز عن القيام ) ; لأنه عجز عن ركن من أركان الصلاة فلم يصح الاقتداء به كالعاجز عن القراءة إلا بمثله ( إلا إمام الحي وهو كل إمام مسجد راتب ) لما في المتفق عليه من حديث عائشة { أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في بيته وهو شاك ، فصلى جالسا ، وصلى وراءه قوم قياما ، فأشار إليهم أن اجلسوا فلما انصرف قال إنما جعل الإمام ليؤتم به إلى قوله وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعون } قال ابن عبد البر : روي هذا مرفوعا من طرق متواترة ولأن إمام الحي يحتاج إلى تقديمه بخلاف غيره والقيام أخف بدليل سقوطه في النفل ( المرجو زوال علته ) التي منعته القيام ، لئلا يفضي إلى ترك القيام على الدوام ، أو مخالفة الخبر ولا حاجة إليه والأصل فيه : فعله صلى الله عليه وسلم وكان يرجى زوال علته .

( ويصلون وراءه ) جلوسا ( و ) يصلون أيضا ( وراء الإمام الأعظم ) إذا مرض ورجي زوال علته ( جلوسا ) للخبر .

قال في الخلاف : هذا استحسان والقياس لا يصح ; لأنه صلى الله عليه وسلم { صلى في مرض موته قاعدا وصلى أبو بكر والناس خلفه قياما } متفق عليه من حديث عائشة وأجاب أحمد عنه بأنه لا حجة فيه ; لأن أبا بكر ابتدأ بهم قائما فيتمها كذلك والجمع أولى من النسخ ثم يحتمل أن أبا بكر كان هو الإمام قال ابن المنذر روي عن عائشة { أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى خلف أبي بكر في مرضه ، في ثوب متوشحا به } ورواه أنس أيضا وصححهما الترمذي قال ولا نعرف أنه صلى الله عليه وسلم صلى خلف أبي بكر إلا في هذا الحديث .

قال مالك العمل عليه عندنا لا يقال : لو كان إماما لكان عن يسار النبي صلى الله عليه وسلم .

وفي الصحيح أنه كان عن يسار أبي بكر قيل ; لأنه يحتمل أنه فعل ذلك ; لأن خلفه صف ، ونقل مثل قولنا أسيد بن حضير وجابر وقيس بن فهد وأبو هريرة ( فإن صلوا قياما ) خلف إمام الحي المرجو زوال علته ( صحت ) صلاته ; لأنه صلى الله عليه وسلم لم يأمر من صلى خلفه قائما بالإعادة ولأن القيام هو الأصل .

( والأفضل له ) أي لإمام الحي ( أن يستخلف إذا مرض والحالة هذه ) أي أنه يرجى زوال علته ; لأن الناس مختلفون في صحة إمامته ، مع أن صلاة القائم أكمل وكمالها مطلوب .

( وإن ابتدأ بهم ) الإمام ( الصلاة قائما ثم اعتل ) أي حصل له علة ( فجلس ) عجزا ( أتموا خلفه قياما ولم يجز الجلوس نصا ) لقصة أبي بكر ولأن القيام هو الأصل فإذا بدأ به في الصلاة لزمه في جميعها إذا قدر عليه كمن أحرم في الحضر ثم سافر قاله في الشرح .

التالي السابق


الخدمات العلمية