كشاف القناع عن متن الإقناع

البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

صفحة جزء
( ومن شرط صحة كل منهما ) أي الخطبتين والمراد بالشرط هنا : ما تتوقف عليه الصحة أعم من أن يكون داخلا أو خارجا ( حمد الله بلفظ : الحمد لله ) فلا يجزئ غيره لحديث أبي هريرة مرفوعا { كل كلام لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أجذم } رواه أبو داود ، ورواه جماعة مرسلا .

وروى أبو داود عن ابن مسعود قال { كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا تشهد قال : الحمد لله } ( والصلاة على رسوله صلى الله عليه وسلم بلفظ الصلاة ) لأن كل عبادة افتقرت إلى ذكر الله تعالى افتقرت إلى ذكر رسوله كالأذان قال في المبدع : ويتعين لفظ الصلاة ، أو يشهد أنه عبد الله ورسوله وأوجبه الشيخ تقي الدين ، لدلالته عليه ولأنه إيمان به ، والصلاة دعاء له وبينهما تفاوت وقيل : لا يشترط ذكره لأنه لم يذكر صلى الله عليه وسلم ذلك في خطبته ، وعملا بالأصل .

( ولا يجب السلام عليه مع الصلاة ) صلى الله عليه وسلم عملا بالأصل ( وقراءة آية ) كاملة لقول جابر { كان صلى الله عليه وسلم يقرأ آيات ويذكر الناس } رواه مسلم .

ولأنهما أقيما مقام ركعتين والخطبة فرض ، فوجبت فيها القراءة كالصلاة ، ولا تتعين آية قال أحمد : يقرأ ما شاء ولا يجزئ بعض آية لأنه لا يتعلق بما دونها حكم ، بدليل ، عدم منع الجنب منه .

( ولو ) كانت الخطبة ( من جنب مع تحريمها ) أي القراءة لما تقدم ( ولا بأس بالزيادة عليها ) أي الآية لما تقدم أن عمر قرأ سورة الحج في الخطبة .

( قال ) أسعد أبو المعالي وغيره ، ولو قرأ آية لا تستقل بمعنى أو حكم كقوله { ثم نظر } و { مدهامتان } ( لم يكف والوصية بتقوى الله تعالى ) لأنه المقصود .

( قال في التلخيص : ولا يتعين لفظها ) أي الوصية ( وأقلها : اتقوا الله ، وأطيعوا الله ، ونحوه انتهى ) وذكر أبو المعالي والشيخ تقي الدين لا يكفي ذكر الموت وذم الدنيا ولا بد أن يحرك القلوب ويبعث بها إلى الخير ، فلو اقتصر على " أطيعوا الله واجتنبوا [ ص: 33 ] معاصيه " فالأظهر لا يكفي .

ولو كان فيه وصية لأنه لا بد من اسم الخطبة عرفا قاله في المبدع ( وموالاة بينهما ) أي بين الخطبتين ( وبين أجزائهما وبين الصلاة ) فلا يفصل بين الخطبتين ولا بين أجزائهما ولا بينهما وبين الصلاة فصلا طويلا ( ولهذا يستحب قرب المنبر من المحراب ، لئلا يطول الفصل بينهما ) أي الخطبتين .

( و ) بين ( الصلاة ) فيبطلها ( فتستحب البداءة بالحمد ) لله ، لما تقدم من حديث أبي هريرة { كل كلام لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أجذم } ( ثم بالثناء ) على الله تعالى .

( وهو مستحب ) وفي عطفه على الحمد لله مغايرة له فإما أن يكون على مقتضى كلام ابن القيم في المغايرة أو يراد الثناء بغير لفظ الحمد أو يراد به التشهد لحديث { كل خطبة ليس فيها تشهد فهي كاليد الجذماء } أي قليلة البركة وإن كان مقتضى كلام بعضهم تخصيصه بخطبة النكاح ( ثم الصلاة ) على النبي صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى { ورفعنا لك ذكرك } ثم بالقراءة ( ثم بالموعظة ) ولو قرأ ما تضمن الحمد والموعظة ثم صلى على النبي صلى الله عليه وسلم كفى على الصحيح قال أبو المعالي : فيه نظر لقول أحمد : لا بد من خطبة ونقل ابن الحكم : لا تكون خطبة إلا كما خطب النبي صلى الله عليه وسلم أو خطبة تامة قاله في الإنصاف ( فإن نكس ) بأن قدم غير الحمد عليه ( أجزأه ) لحصول المقصود .

التالي السابق


الخدمات العلمية