كشاف القناع عن متن الإقناع

البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

صفحة جزء
( ويحرم الكلام في الخطبتين والإمام يخطب ولو كان ) الإمام ( غير عدل ) لقوله تعالى { وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا } ولقوله صلى الله عليه وسلم { من قال : صه فقد لغا ، ومن لغا فلا جمعة له } رواه أحمد وأبو داود ولقوله صلى الله عليه وسلم في خبر ابن عباس { والذي يقول : أنصت ليس له جمعة } رواه أحمد من رواية مجالد ومعنى قوله " لا جمعة له " أي كاملة ولقوله صلى الله عليه وسلم لأبي الدرداء { إذا سمعت إمامك يتكلم فأنصت حتى يفرغ } رواه أحمد ( إن كان ) المتكلم ( منه ) أي الإمام ( بحيث يسمعه ) بخلاف البعيد الذي لا يسمعه لأن وجوب الإنصات للاستماع وهذا ليس بمستمع .

( ولو ) كان كلام المتكلم ( في حال تنفسه ) أي الإمام ، فيحرم ( لأنه في حكم الخطبة ) لأنه يسير ( إلا له ) أي الكلام للخطيب ( أو لمن كلمه لمصلحة ) فلا يحرم عليهما { لأنه صلى الله عليه وسلم كلم سليكا وكلمه هو } رواه ابن ماجه بإسناد صحيح من حديث أبي هريرة .

وسأل عمر عثمان فأجابه ، { وسأل العباس بن مرداس النبي صلى الله عليه وسلم الاستسقاء } ولأنه حال كلام الإمام وكلام الإمام إياه لا يشغل عن سماع الخطبة .

( ولا بأس به ) أي الكلام ( قبلهما ) أي الخطبتين ( وبعدهما نصا ) لما روى مالك والشافعي بإسناد جيد عن ثعلبة بن مالك قال " كانوا يتحدثون يوم الجمعة وعمر جالس على المنبر فإذا سكت المؤذن قام عمر ، فلم يتكلم أحد حتى يقضي الخطبتين " .

( و ) لا بأس بالكلام ( بين الخطبتين إذا سكت ) لأنه لا خطبة حينئذ ينصت لها ( وليس له تسكيت من تكلم بكلام ) لما تقدم ( بل ) يسكته ( بإشارة فيضع أصبعه ) .

ولعل المراد السبابة ( على فيه ) إشارة بالسكوت ، لأن الإشارة تجوز في الصلاة للحاجة ، ففي الخطبة أولى ( ويجب ) الكلام ( لتحذير ضرير وغافل عن بئر ) ، وعن ( هلكة ، ومن يخاف عليه نارا أو حية ونحوه ) مما يقتله أو يضره لإباحة قطع الصلاة لذلك .

( ويباح ) الكلام ( إذا شرع ) الخطيب ( في الدعاء ) لأنه يكون قد فرغ من أركان الخطبة ، والدعاء لا يجب الإنصات له .

( ولو في دعاء غير [ ص: 48 ] مشروع وتباح الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذكر ) فيصلي عليه ( سرا ، كالدعاء اتفاقا ، قاله الشيخ وقال : رفع الصوت قدام بعض الخطباء مكروه ، أو محرم اتفاقا فلا يرفع المؤذن ولا غيره صوته بصلاة ولا غيرها ) .

وفي التنقيح والمنتهى : وله الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم إذا سمعها ويسن سرا ( ولا يسلم من دخل ) على الإمام ولا غيره لاشتغالهم بالخطبة واستماعها .

( ويجوز تأمينه ) أي مستمع الخطبة على الدعاء ( وحمده خفية إذا عطس نصا وتشميت عاطس ورد سلام نطقا ) لأنه مأمور به لحق آدمي ، أشبه الضرير فدل على أنه يجب قاله في المبدع ( وإشارة أخرس مفهومة ككلام ) لقيامها مقامه في البيوع وغيره .

التالي السابق


الخدمات العلمية