كشاف القناع عن متن الإقناع

البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

صفحة جزء
فصل ( ويصح الاستجمار بكل طاهر جامد مباح منق كالحجر والخشب والخرق ) ; لأن في بعض ألفاظ الحديث { فليذهب بثلاثة أحجار ، أو بثلاثة أعواد ، أو بثلاث حثيات من تراب } رواه الدارقطني .

وقال روي مرفوعا ، والصحيح أنه مرسل ، { ولأن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الاستطابة فقال بثلاثة أحجار ليس فيها رجيع } فلولا أنه أراد الحجر وما في معناه لم يستثن الرجيع ولمشاركة غير الحجر الحجر في الإزالة .

وفهم منه أنه لا يصح الاستجمار بنجس ، ; لأن ابن مسعود { جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بحجرين وروثة ليستجمر بها فأخذ الحجرين وألقى الروثة ، [ ص: 69 ] وقال هذا ركس } يعني نجسا ، رواه الترمذي ، وهذا تعليل منه عليه السلام يجب المصير إليه ولا بغير جامد كالرخوة والندى لأنه لا يحصل به الإنقاء ، فلا يحصل به المقصود كالأملس من زجاج ونحوه ( ولا ) ب ( المغصوب ) ; لأن الاستجمار رخصة ، والرخص لا تستباح على وجه محرم ( والإنقاء بأحجار ونحوها ) كخشب ، وخرق ( إزالة العين ) الخارجة من السبيلين ( حتى لا يبقى إلا أثر لا يزيله إلا الماء و ) الإنقاء ( بماء حتى خشونة المحل ) أي عوده ( كما كان ) لزوال لزوجة النجاسة وآثارها مع الإتيان بالعدد المعتبر ( إلا الروث والعظام ) فلا يجزئ الاستجمار بهما ، لقوله عليه السلام { لا تستنجوا بالروث ولا بالعظام ، فإنه زاد إخوانكم من الجن } رواه مسلم .

( و ) ( إلا الطعام ولو لبهيمة ) فلا يجزئ الاستجمار به لأنه عليه السلام علل المنع من الروث والعظم بأنه زاد الجن ، فزادنا وزاد بهائمنا أولى ( و ) إلا ( ما له حرمة كما فيه ذكر الله ) قال جماعة منهم الشارح ( وكتب حديث وفقه ) لما فيه من هتك ، الشريعة والاستخفاف بحرمتها .

قال في الرعاية ( وكتب مباحة ) احتراما لها ( و ) إلا ( ما حرم استعماله كذهب وفضة ) لما تقدم في المغصوب ( و ) إلا ( متصلا بحيوان ) كيده وجلده وصوفه ; لأن الحيوان له حرمة ، ولهذا منعنا مالكه من إطعامه النجاسة ( و ) إلا ( جلد سمك وجلد حيوان مذكى ) كحال اتصاله ( و ) إلا ( حشيشا رطبا ) لأنه زاد البهائم ، ولا يحصل به الإنقاء ( فيحرم ولا يجزئ ) الاستجمار بجميع ما تقدم ذكره قلت الظاهر أن المتنجس من نحو حجر إذا استعمله لتخفيف النجاسة ليتبعه الماء لا يحرم .

وليس في كلامهم ما يشمله ( فإن استجمر بعده بمباح ) لم يجزئه ووجب الماء ( أو استنجى بمائع غير الماء ) كالخل ( لم يجزئه ) الاستجمار ( وتعين الماء ) كما لو استجمر بنجس ( وإن استجمر بغير منق ) كزجاج ( أجزأ الاستجمار بعده بمنق ) كحجر لبقاء عين النجاسة فتزول بالمنقي بخلاف ما قبل ( ولا يجزئ ) في الاستجمار ( أقل من ثلاث مسحات ) لقوله عليه السلام { فليذهب معه بثلاثة أحجار } رواه أبو داود ولقول سلمان { نهانا يعني النبي صلى الله عليه وسلم أن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار } رواه مسلم ( إما بحجر ذي ثلاث شعب ) ; لأن الغرض عدد المسحات لا الأحجار ، بدليل التعدية إلى ما في معنى الحجارة ( أو بثلاثة ) أحجار وما في معناها ( تعم كل مسحة المسربة ) أي الدبر ( والصفحتين ) لأنها إن لم تكن كذلك لم تكن مسحة ، بل بعضها ( مع الإنقاء ) لأن الغرض إزالة النجاسة . ( ولو استجمر ثلاثة أنفس [ ص: 70 ] بثلاثة أحجار لكل حجر ثلاث شعب ) ( استجمر كل واحد منهم بشعبة من كل حجر ) أجزأهم لحصول المعنى ( أو استجمر إنسان بحجر ثم غسله ) وجففه سريعا ( أو كسر ما تنجس منه ثم استجمر به ثانيا ثم فعل ذلك ) أي الغسل أو الكسر ( واستجمر به ثالثا أجزاه ، لحصول المعنى والإنقاء ) بثلاث مسحات بمنق طاهر ( فإن لم ينق ) بثلاث مسحات ( زاد حتى ينقى ) ; لأن الغرض إزالة النجاسة فيجب التكرار إلى أن تزول .

( ويسن قطعه على وتر إن زاد على الثلاث ) فإن أنقى برابعة زاد خامسة وإن أنقى بسادسة زاد سابعة وهكذا ، لقوله عليه السلام { من استجمر فليوتر } متفق عليه ( وإذا أتى بالعدد المعتبر ) كالسبع في الماء والثلاث في الحجر ونحوه ( اكتفى في زوال النجاسة بغلبة الظن ) ; لأن اعتبار اليقين حرج وهو منتف شرعا ( وأثر الاستجمار نجس يعفى عن يسيره ) في محله للمشقة .

التالي السابق


الخدمات العلمية