كشاف القناع عن متن الإقناع

البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

صفحة جزء
( ولا بأس بالإشارة حال الدعاء للميت ) نص عليه ( ثم يحرم ) بعد النية ( كما سبق في باب صفة الصلاة ) فيقول قائما مع القدرة : الله أكبر ، لا يقوم غيرها مقامها ومن لم [ ص: 113 ] ينبه على النية هنا اكتفى بما تقدم ، لحديث { إنما الأعمال بالنيات } وصفة النية هنا : أن ينوي الصلاة على هذا الميت ، أو هؤلاء الموتى إن كانوا جماعة عرف عددهم أو لا ( ويضع يمينه على شماله ) بعد حطهما أو فراغ التكبير ، ويجعلهما تحت سرته ، كما سبق ( ويعوذ ) ويبسمل ( قبل الفاتحة ) لما سبق في صفة الصلاة ( ولا يستفتح ) لأنها مبنية على التخفيف .

ولذلك لم يشرع فيها قراءة سورة بعد الفاتحة ( ويكبر أربع تكبيرات ) لما في الصحيح من حديث أنس وغيره { أن النبي صلى الله عليه وسلم كبر على الجنازة أربعا } .

وفي صحيح مسلم { أن النبي صلى الله عليه وسلم نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه ، فخرج إلى المصلى ، وكبر أربع تكبيرات } ، وفيه عن ابن عباس أنه { صلى على قبر بعد ما دفن ، وكبر أربع تكبيرات } وقد قال صلى الله عليه وسلم { : صلوا كما رأيتموني أصلي } ( ويقرأ في ) التكبيرة ( الأولى : الفاتحة ، فقط ) أي : من غير سورة ، لما تقدم : أن مبنى هذه الصلاة على التخفيف ( سرا ولو ليلا ) لما روى الزهري عن أبي أمامة بن سهل قال { السنة في الصلاة على الجنازة أن يقرأ في التكبيرة الأولى بأم القرآن مخافتة ، ثم يكبر ثلاثا والسلام } .

وعن الزهري عن محمد بن سويد الدمشقي عن الضحاك بن قيس نحوه رواهما النسائي ، ولا تقاس على المكتوبة لأنها مؤقتة والجنازة غير مؤقتة ، فأشبهت تحية المسجد ونحوها ( ويصلي ) سرا ( على النبي صلى الله عليه وسلم في ) التكبيرة ( الثانية ) لما روى الشافعي والأثرم بإسنادهما عن أبي أمامة بن سهل أنه أخبره رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم " أن { السنة في الصلاة على الجنازة أن يكبر الإمام ، ثم يقرأ بفاتحة الكتاب بعد التكبيرة الأولى سرا في نفسه ، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويخلص الدعاء للميت ، ثم يسلم } وتكون الصلاة عليه ( كما في التشهد ) لأنه صلى الله عليه وسلم لما سألوه " كيف نصلي عليك ؟ علمهم ذلك وقال في الكافي : لا تتعين صلاة ، لأن القصد مطلق الصلاة ومعناه في الشرح .

( ولا يزيد عليه ) أي : على ما في التشهد ، خلافا للقاضي .

فإن استحب بعدها " اللهم صل على ملائكتك المقربين ، وأنبيائك المرسلين وأهل طاعتك أجمعين من أهل السموات وأهل الأرضين ، إنك على كلء شيء قدير " ( ويدعو ) للميت ( في ) التكبيرة ( الثالثة سرا بأحسن ما يحضره ) لقوله صلى الله عليه وسلم { : إذا صليتم على الميت فأخلصوا له الدعاء } رواه أبو داود وابن ماجه ، وفيه ابن إسحاق [ ص: 114 ] ( ولا توقيت ) أي : تحديد ( فيه ) أي : في الدعاء للميت نص عليه لما سبق .

( ويسن ) الدعاء ( بالمأثور ) أي : الوارد في الدعاء للميت ( فيقول : اللهم اغفر لحينا وميتنا وشاهدنا ) حاضرنا ( وغائبنا وصغيرنا وكبيرنا وذكرنا وأنثانا إنك تعلم منقلبنا ومثوانا وأنت على كل شيء قدير اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام و من توفيته منا فتوفه على الإيمان ) .

هكذا في الفروع وهو لفظ حديث أبي هريرة وقال في المقنع وتبعه في المنتهى وغيره : " فأحيه على الإسلام والسنة ومن توفيته منا فتوفه عليهما قال في المبدع وشرح المنتهى : رواه أحمد والترمذي وابن ماجه من حديث أبي هريرة زاد ابن ماجه { اللهم لا تحرمنا أجره ، ولا تضلنا بعده } وفيه ابن إسحاق قال الحاكم : حديث أبي هريرة صحيح على شرط الشيخين لكن زاد فيه المؤلف ، أي : الموفق { : وأنت على كل شيء قدير } ولفظه " السنة " { اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه ، وأكرم نزله } بضم الزاي ، وقد تسكن { وأوسع مدخله } بفتح الميم : موضع الدخول ، وبضمها الإدخال ( { واغسله بالماء والثلج والبرد ، ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس وأبدله دارا خيرا من داره وزوجا خيرا من زوجه وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر وعذاب النار } ) رواه مسلم من حديث عوف بن مالك أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول ذلك على جنازة حتى تمنى أن يكون ذلك الميت " .

وفيه رواية { أهلا خيرا من أهله } وزاد الموفق لفظ من الذنوب " وتبعه المصنف وغيره ( وافسح له في قبره ونور له فيه ) لأنه لائق بالمحل ( اللهم إنه عبدك ابن أمتك نزل بك وأنت خير منزول به ) .

استحبه المجد تبعا للخرقي وابن عقيل وغيرهما زاد الخرقي وابن عقيل وجماعة ( ولا أعلم إلا خيرا ) لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { ما من مسلم يموت يشهد له ثلاثة أبيات من جيرانه الأدنين إلا قال الله تعالى : قد قبلت شهادة عبادي فيما علموا ، وغفرت له ما أعلم } رواه أحمد ( اللهم إن كان محسنا فجازه بإحسانه ، وإن كان مسيئا فتجاوز عنه ) اللهم لا تحرمنا أجره ، ولا تفتنا بعده ذكره في المبدع عن جماعة ، وزاد بعد " فتجاوز عنه اللهم إنا جئنا شفعاء له فشفعنا فيه " وبعد " ولا تفتنا بعده " : " واغفر لنا وله إنك غفور رحيم " .

التالي السابق


الخدمات العلمية