كشاف القناع عن متن الإقناع

البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

صفحة جزء
( و من لم يصل ) على الجنازة لعذر أو غيره ( استحب له إذا وضعت ) الجنازة ( أن يصلي عليها قبل الدفن أو بعده ولو جماعة على القبر ) لحديث أبي هريرة { أن امرأة سوداء كانت تقم المسجد - أو شابا - ففقدها النبي صلى الله عليه وسلم أو فقده فسأل عنها ، أو عنه فقالوا : ماتت أو مات فقال : أفلا كنتم آذنتموني ؟ قال : فكأنهم صغروا أمرها أو أمره فقال : دلوني على قبرها أو على قبره فدلوه فصلى عليها أو عليه } وعن ابن عباس قال { : انتهى النبي صلى الله عليه وسلم إلى قبر رطب فصلى عليه ، وصفوا خلفه وكبر أربعا } متفق عليهما قال أحمد : ومن يشك في الصلاة على القبر ؟ يروى عن النبي من ستة وجوه كلها حسان ( و كذا غريق ونحوه ) كأسير ، فيصلى عليه إلى شهر ويسقط شرط الحضور للحاجة والغسل ، لتعذره أشبه الحي إذا عجز عن الغسل والتيمم ( إلى شهر من دفنه ) لما روى الترمذي عن سعيد بن المسيب { أن أم سعد ماتت والنبي صلى الله عليه وسلم غائب ، فلما قدم صلى عليها ، وقد مضى لذلك شهر } وإسناده ثقات قال أحمد : أكثر ما سمعت هذا لأنه لا يعلم بقاؤه أكثر منه فتقيد به ( و ) إلى ( زيادة يسيرة ) على الشهر قال القاضي كاليومين وإنما لم تجز على قبره صلى الله عليه وسلم لئلا يتخذ مسجدا .

( ويحرم ) أن يصلى على قبر ( بعدها ) أي : بعد الزيادة اليسيرة نص عليه وحديث الدارقطني عن ابن عباس مرفوعا أنه { صلى على قبر بعد شهر } أجاب أبو بكر : يريد شهرا كقوله تعالى { : ولتعلمن نبأه بعد حين } أراد الحين ويمكن حمله على الزيادة اليسيرة قال في المبدع : فأما إذا لم يدفن فإنه يصلى عليه ، وإن مضى أكثر من شهر وقيده ابن شهاب وقدمه في الرعاية بشهر .

( وإن شك في انقضاء المدة ) التي يصلى فيها على القبر ونحوه ( صلى عليه ، حتى يعلم فراغها ) لأن الأصل بقاؤها ( ويصلي إمام ) أعظم ( وغيره على غائب عن البلد ، ولو كان دون مسافة قصر ، أو ) كان ( في غير جهة القبلة ) أي : قبلة المصلي ( بالنية إلى شهر ) كالصلاة على القبر ، لكن يكون الشهر هنا من موته ، كما في شرح المنتهى لأنه صلى الله عليه وسلم صلى على النجاشي فصف - أي : الناس - وكبر عليه أربعا " متفق عليه لا يقال : لم يكن بأرض الحبشة من يصلي عليه لأنه ليس من مذهب المخالف .

فإنه يمنع الصلاة على الغريق والأسير وإن لم يكن صلي [ ص: 122 ] عليه مع أنه يبعد ذلك فإن النجاشي ملك الحبشة أظهر الإسلام فيبعد أنه لم يوافقه أحد يصلي عليه والقول بأن الأرض زويت له صلى الله عليه وسلم وكشف له عن النجاشي ، حتى رآه حين صلاته لو كان له أصل لذكره لأصحابه ولنقل لما فيه من المعجزة العظيمة كما نقل إخباره لهم بموته يوم مات ، وأيضا لو تم ذلك في حقه لما تم في حق أصحابه و ( لا ) يصلى على من ( في أحد جانبي البلد ولو كان ) البلد ( كبيرا ولو لمشقة مطر أو مرض ) لأنه يمكن حضوره أشبه ما لو كانا في جانب واحد ويعتبر انفصاله عن البلد بما يعد الذهاب إليه نوع سفر وقال القاضي : يكفي خمسون خطوة قال الشيخ تقي الدين : وأقرب الحدود : ما تجب فيه الجمعة لأنه إذن من أهل الصلاة في البلد فلا يعد غائبا عنها .

وتقدم أنه لا يصلي على قبر وغائب وقت نهي ( ولا يصلي كل يوم على كل غائب ) لأنه لم ينقل ، قاله الشيخ تقي الدين ( ومن صلى ) على ميت ( كره له إعادة الصلاة ) عليه قال في الفصول : لا يصليها مرتين كالعيد ( إلا على من صلى عليه بالنية ) كالغائب ( إذا حضر ) جزم به ابن تميم وابن حمدان واقتصر عليه في الفروع ( أو وجد بعض ميت صلى على جملته فتسن ) إعادة الصلاة ( فيهما ) مرة ثانية ( ويأتي ) ذلك ( أو صلى عليه ) أي : الميت ( بلا إذن من هو أولى منه ) بالصلاة ( مع حضوره ) أي : الأولى وعدم إذنه ولم يصل معه ( فتعاد ) الصلاة عليه ( تبعا ) للولي لأنها حقه ذكره أبو المعالي وظاهره : لا يعيد غير الولي قاله في الفروع .

التالي السابق


الخدمات العلمية