كشاف القناع عن متن الإقناع

البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

صفحة جزء
( وإذا تثاءب كظم ) ندبا أي : أمسك فمه لئلا ينفتح ( ما استطاع فإن غلبه ) التثاؤب ( غطى فمه بكمه أو غيره ) كيده لقوله : صلى الله عليه وسلم { إذا تثاءب أحدكم فليكظم ما استطاع } .

وفي رواية { فليضع يده على فمه فإن الشيطان يدخل مع التثاؤب } ( وإذا عطس ) بفتح الطاء ( خمر ) أي : غطى ( وجهه ) لئلا يتأذى غيره ببصاقه ( وغض ) أي : خفض ( صوته ) لحديث أبي هريرة عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان { إذا عطس غطى وجهه بثوبه ويده ، ثم غض بها صوته } حديث صحيح قاله في شرح المنظومة قال الشيخ عبد القادر ( ولا يلتفت يمينا ولا شمالا وحمد الله ) قال ابن هبيرة : إذا عطس الإنسان استدل بذلك من نفسه على صحة بدنه ، وجودة هضمه ، واستقامة قوته فينبغي له أن يحمد الله ولذلك أمره صلى الله عليه وسلم أن يحمد الله .

وفي البخاري { إن الله يحب العطاس ويكره التثاؤب } .

لأن العطاس يدل على خفة بدن ونشاط ، والتثاؤب غالبا لثقل البدن وامتلائه ، واسترخائه فيميل إلى الكسل فأضافه إلى الشيطان لأنه يرضيه ، أو من تسببه لدعائه إلى الشهوات ويكون حمده ( جهرا بحيث يسمع جليسه ) حمده ( ليشمته ) بالشين والسين ( وتشميته فرض كفاية ) كرد السلام ( فيقول له ) سامعه ( يرحمك الله أو يرحمكم الله ، ويرد عليه العاطس ) وجوبا ( فيقول : يهديكم الله ويصلح بالكم ) نص عليه في رواية أبي طالب وقال في رواية حرب : هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه زاد في الرعاية " ويدخلكم الجنة عرفها لكم قال في شرح المنتهى أو يقول : يغفر الله لنا ولكم .

( ويكره أن يشمت من لم [ ص: 158 ] يحمد الله ) لحديث أبي موسى مرفوعا { إذا عطس أحدكم فحمد الله فشمتوه فإذا لم يحمد الله فلا تشمتوه } رواه أحمد ومسلم .

( وإن نسي لم يذكره ) أي : لم يسن تذكيره ، لظاهر الخبر السابق وروى المروذي : أن رجلا عطس عند أحمد فلم يحمد الله ، فانتظره أن يحمد الله فيشمته فلم يحمد الله فلما أراد أن يقوم قال له أبو عبد الله : كيف تقول إذا عطست قال أقول الحمد لله فقال له أبو عبد الله : يرحمك الله ، ( لكن يعلم الصغير أن يحمد الله وكذا حديث عهد بإسلام ونحوه ) كمن نشأ ببادية بعيدة عمن يتعلم منه لأنه مظنة الجهل بذلك .

( ولا يستحب تشميت الذمي ) نص عليه وهل يكره أو يباح أو يحرم ؟ أقوال قاله في شرح المنظومة ( فإن قيل له ) أي : للذمي ( يهديكم الله جاز ) ذلك لأنه لا محذور فيه .

( ويقال للصبي إذا عطس : بورك فيك ، وجبرك الله ) قاله الشيخ عبد القادر وروي { أنه عطس عند النبي صلى الله عليه وسلم غلام لم يبلغ الحلم فقال : الحمد لله رب العالمين فقال النبي صلى الله عليه وسلم : بارك الله فيك يا غلام } رواه الحافظ السلفي في انتخابه ( وتشمت المرأة المرأة ، و ) يشمت ( الرجل الرجل ) .

( و ) يشمت الرجل ( المرأة العجوز البرزة ) لأمن الفتنة ( ولا يشمت الشابة ولا تشمته ) كما في رد السلام ، ولعل المراد الأجنبية ( فإن عطس ثانيا ) وحمد ( شمته ، و ) إن عطس ( ثالثا ) وحمد ( شمته ) قال صالح لأبيه : يشمت العاطس في مجلس ثلاثا قال : أكثر ما قيل في ثلاث .

وروى ابن ماجه ، وإسناده ثقات عن سلمة بن الأكوع ، مرفوعا { يشمت معاطس ثلاثا فما زاد فهو مزكوم } .

( و ) إن عطس ( رابعا دعا له بالعافية ولا يشمت ) للرابعة لما تقدم ( إلا إذا لم يكن شمته قبلها ) ثلاثا ، فالاعتبار بفعل التشميت وبعدد العطسات فلو عطس أكثر من ثلاث متواليات شمته بعددها إذا لم يتقدم تشميت قال في شرح المنظومة : قولا واحدا .

( ولا يجيب المتجشئ بشيء فإن حمد الله قال ) له سامعه ( هنيئا مريئا ، أو هنأك الله وأمراك ) ذكره في الرعاية الكبرى وابن تميم ، وكذا ابن عقيل وقال : ولا يعرف فيه سنة بل هو عادة موضوعة قال أحمد في رواية مهنا : إذا تجشأ الرجل ينبغي أن يرفع وجهه إلى فوق ، لكي لا يخرج من فيه رائحة يؤذي بها الناس .

وروى أبو هريرة أن { رجلا تجشأ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : كف عنا جشاءك فإن أكثرهم شبعا أطولهم جوعا يوم القيامة } .

التالي السابق


الخدمات العلمية