كشاف القناع عن متن الإقناع

البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

صفحة جزء
( و ) يسن ( صوم المحرم وهو أفضل الصيام بعد صيام شهر رمضان ) ; لقوله صلى الله عليه وسلم { أفضل الصلاة بعد المكتوبة جوف الليل وأفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم } رواه مسلم وغيره من حديث أبي هريرة قال في المبدع : وأضافه إليه تفخيما وتعظيما كناقة الله ، ولم يكثر النبي صلى الله عليه وسلم الصوم فيه إما لعذر أو لم يعلم فضله إلا أخيرا ، والمراد أفضل شهر تطوع فيه كاملا بعد رمضان شهر الله الحرام ; لأن بعض التطوع قد يكون أفضل من أيامه كعرفة وعشر ذي الحجة .

فالتطوع المطلق أفضله المحرم كما أن أفضل الصلاة بعد المكتوبة قيام الليل ( وأفضله ) أي المحرم ( يوم عاشوراء ) بالمد في الأشهر وهو اسم إسلامي لا يعرف في الجاهلية قاله في المشارق وغيره ( وهو ) اليوم ( العاشر ) من المحرم في قول أكثر العلماء ورواه الترمذي مرفوعا وصححه وقال ابن عباس : هو التاسع ( ثم تاسوعاء ) بالمد على الأفصح ( وهو ) اليوم ( التاسع ) من المحرم ( مثلا ويسن الجمع بينهما ) أي : بين صوم تاسوعاء وعاشوراء .

لما روى الخلال بإسناد جيد عن ابن [ ص: 339 ] عباس مرفوعا { : لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع والعاشر } واحتج به أحمد ( و ) قال ( إن اشتبه عليه أول الشهر صام ثلاثة أيام ) ليتيقن صومها ، ( ولا يكره إفراد العاشر بالصوم ) قال في المبدع : وهو المذهب وقال الشيخ تقي الدين : مقتضى كلام أحمد الكراهة وهي قول ابن عباس ( وهما ) أي : تاسوعاء وعاشوراء ( آكده ) أي : آكد شهر الله المحرم ( ثم ) بقية ( العشر ، ولم يجب صوم ) يوم ( عاشوراء ) في قول القاضي ومن تابعه قال : لأنه صلى الله عليه وسلم لم يأمر من أكل فيه بالقضاء .

ولحديث معاوية قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : { هذا يوم عاشوراء لم يكتب الله عليكم صيامه فمن شاء فليصم ومن شاء فليفطر } وهو حديث صحيح قاله في الشرح ( وعنه وجب ) صومه ( ثم نسخ ، اختاره الشيخ ومال إليه الموفق والشارح ) وقاله الأصوليون لما روت عائشة أنه صلى الله عليه وسلم صامه وأمر بصيامه ، فلما افترض رمضان كان هو الفريضة وترك عاشوراء فمن شاء صامه ومن شاء تركه " صحيح وحديث معاوية محمول على إرادة أنه ليس هو مكتوبا عليكم الآن قاله في الشرح ، ( وصيام يوم عاشوراء كفارة سنة ) ماضية للخبر .

( وما روي في فضل الاكتحال والاختضاب والاغتسال والمصافحة والصلاة فيه ) أي : يوم عاشوراء ( فكذب ) .

وكذا ما يروى في مسح رأس اليتيم وأكل الحبوب أو الذبح ونحو ذلك فكل ذلك كذب على النبي صلى الله عليه وسلم ومثل ذلك : بدعة لا يستحب شيء منه عند أئمة الدين قاله في الاختيارات ، وينبغي فيه التوسعة على العيال سأل ابن منصور أحمد عنه فقال : نعم رواه سفيان بن عيينة عن جعفر عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر وكان أفضل أهل زمانه أنه بلغه : من وسع على عياله يوم عاشوراء وسع الله عليه سائر سنته " قال ابن عيينة : قد جربناه منذ خمسين سنة أو ستين فما رأينا إلا خيرا .

التالي السابق


الخدمات العلمية