كشاف القناع عن متن الإقناع

البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

صفحة جزء
( ومن دخل في تطوع غير حج وعمرة استحب له إتمامه ) ; لأنه تكميل العبادة وهو مطلوب ( ولم [ ص: 343 ] يجب ) عليه إتمامه { لقول عائشة : يا رسول الله أهدي لنا حيس فقال : أرنيه فلقد أصبحت صائما فأكل } رواه مسلم والخمسة وزاد النسائي بإسناد جيد { : إنما مثل صوم التطوع مثل الرجل يخرج من ماله الصدقة فإن شاء أمضاها وإن شاء حبسها } ولقوله صلى الله عليه وسلم { الصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر } رواه أحمد وصححه من حديث أم هانئ وضعفه البخاري .

وغير الصوم من التطوعات كهو وكالوضوء وأما الحج والعمرة فيجبان بالشروع ويأتي ; لأن الوصول إليهما لا يحصل في الغالب إلا بعد كلفة عظيمة ومشقة شديدة وإنفاق مال كثير ، ففي إبطالهم تضييع لماله وإبطال لأعماله الكثيرة ( لكن يكره قطعه بلا عذر ) لما فيه من تفويت الأجر ( وإن أفسده ) أي : التطوع ( فلا قضاء عليه ) ; لأن القضاء يتبع المقضي عنه فإذا لم يكن واجبا لم يكن القضاء واجبا بل يستحب .

( وكذا لا تلزم الصدقة ولا القراءة ولا الأذكار بالشروع ) فيها وفاقا ( وإن دخل في فرض كفاية ) كصلاة جنازة ( أو ) دخل في ( واجب ) على الأعيان ( موسع كقضاء رمضان قبل رمضان الثاني والمكتوبة في أول وقتها وغير ذلك كنذر مطلق وكفارة ) إن قلنا : هما غير واجبين على الفور ، والمذهب خلافه كما تقدم ويأتي ( حرم خروجه منه بلا عذر بغير خلاف ) ; لأن الخروج من عهدة الواجب متعين ودخلت التوسعة في وقته رفقا ومظنة للحاجة ، فإذا شرع فيها تعينت المصلحة في إتمامها ( وقد يجب قطعه ) أي الفرض ( كرد معصوم عن هلكة وإنقاذ غريق ونحوه ) كحريق ومن تحت هدم .

( وإذا دعاه النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة ) لقوله تعالى { : يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم } ، ( وله قطعها ) أي : الصلاة ( بهرب غريمه و ) له ( قلبها نفلا وتقدم ) ذلك موضحا ( وإن أفسده ) أي : الفرض ( فلا كفارة ) مطلقا لعدم النص فيها .

( ولا يلزمه غير ما كان قبل شروعه ) فيما أفسده ، ( ولو شرع في صلاة تطوع قائما لم يلزمه إتمامها قائما ) بغير خلاف قاله في المبدع ، ( وذكر القاضي وجماعة أن الطواف كالصلاة في الأحكام إلا فيما خصه الدليل ) للخبر .

التالي السابق


الخدمات العلمية