كشاف القناع عن متن الإقناع

البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

صفحة جزء
( وإن نذره ) أي : الاعتكاف أو الصلاة ( في أحد المساجد الثلاثة : المسجد الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم والمسجد الأقصى لم يجزئه في غيرها ) لفضل العبادة فيها على غيرها فتتعين بالتعيين ( وله شد الرحل إليه ) أي : إلى المسجد الذي عينه من الثلاثة لحديث أبي هريرة السابق .

( وأفضلها : المسجد الحرام ثم مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ثم المسجد الأقصى ) ، وهو مسجد بيت المقدس لما روى أبو هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { : صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام } رواه الجماعة إلا أبا داود ولأحمد وأبي داود من حديث جابر بن عبد الله مثله ، وزاد { وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه } وقال ابن عبد البر : هو أحسن حديث روي في ذلك ولأحمد من حديث عبد الله بن الزبير مثل حديث أبي هريرة وزاد { : صلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة في هذا } .

، وكون مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم والمسجد الأقصى لم يفرض إتيانها شرعا بخلاف المسجد الحرام لا يمنع وجوب الاعتكاف والصلاة فيهما بالنذر ; لأن النذر موجب لما لم يكن واجبا بأصل الشرع ، وإلحاق غير الثلاثة بها ممتنع لثبوت فضلها على غيرها بالنص .

( فإن عين الأفضل منها ) وهو المسجد الحرام ( في نذره لم يجزئه ) الاعتكاف ولا الصلاة ( فيما دونه ) لعدم مساواته له ( وعكسه بعكسه ) أي : إن عين المفضول معها أجزأه فيما هو أفضل منه فمن عين في نذره مسجد المدينة أجزأه فيه ، في المسجد الحرام فقط وإن عين الأقصى أجزأه في كل من المساجد الثلاثة لحديث جابر { أن رجلا قال يوم الفتح : يا رسول الله إني نذرت إن فتح الله عليك مكة أن أصلي في بيت المقدس فقال صل هاهنا فسأله فقال [ ص: 354 ] صل هاهنا فسأله فقال : شأنك إذن } رواه أحمد وأبو داود رويا أيضا هذا الخبر بإسنادهما عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وزاد فقال النبي صلى الله عليه وسلم : { والذي بعث محمدا بالحق لو صليت هاهنا لقضى عنك ذلك كل صلاة في بيت المقدس } .

التالي السابق


الخدمات العلمية