كشاف القناع عن متن الإقناع

البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

صفحة جزء
( وتسن بداءته قبل غسل وجهه بمضمضة بيمينه ) لحديث عثمان أنه توضأ فدعا بماء فغسل يديه ثلاثا ثم غرف بيمينه ، ثم رفعها إلى فيه ، فمضمض واستنشق بكف واحدة ، واستنثر بيساره ، فعل ذلك ثلاثا ، ثم ذكر سائر الوضوء ثم قال إن النبي صلى الله عليه وسلم { توضأ لنا كما توضأت لكم } رواه سعيد ( و ) يسن ( تسوكه ) عند المضمضة لقوله عليه السلام { لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء } رواه أحمد بإسناد صحيح من حديث أبي هريرة وهو للبخاري تعليقا .

( ثم باستنشاق بيمينه ثلاثا ثلاثا ، إن شاء من غرفة ، وهو أفضل ) لحديث علي أنه توضأ فمضمض ثلاثا ، واستنشق ثلاثا بكف واحدة ، وقال { هذا وضوء نبيكم صلى الله عليه وسلم } رواه أحمد في المسند ( وإن شاء من ثلاث ) لحديث علي أيضا أنه يفصل واستنشق ثلاثا بثلاث غرفات متفق عليه ( وإن شاء من ست ) غرفات ، لحديث طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده قال { رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يفصل بين المضمضة والاستنشاق } رواه أبو داود ووضوءه كان ثلاثا ثلاثا ، فلزم كونها من ست .

( ولا يفصل بين المضمضة والاستنشاق ) استحبابا وحديث طلحة [ ص: 94 ] المذكور يمكن حمله على بيان الجواز ( وتجب الموالاة بينهما وبين بقية الأعضاء ) لأنهما من الوجه ، أشبها سائره ( وكذا ) يجب ( الترتيب ) بينهما وبين بقية الأعضاء كما سبق و ( لا ) يجب الترتيب ( بينهما وبين الوجه ) لأنهما منه كما تقدم وأما الموالاة بينهما وبين الوجه فمعتبرة ( ويسن استنثاره بيساره ) لحديث عثمان وهو مأخوذ من النثرة ، وهي طرف الأنف أو هو ( و ) تسن .

( مبالغة فيهما لغير صائم ) لما روى لقيط بن صبرة قال قلت يا رسول الله ، أخبرني عن الوضوء { قال أسبغ الوضوء ، وخلل بين الأصابع ، وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما } رواه الخمسة وصححه الترمذي .

وعن ابن عباس مرفوعا قال { استنثروا مرتين بالغتين أو ثلاثا } رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه ( وتكره ) المبالغة في المضمضة والاستنشاق ( له ) أي الصائم لأنها مظنة إيصال الماء إلى جوفه ( و ) تسن ( مبالغة في سائر ) أي باقي ( الأعضاء ) للصائم وغيره ( ف ) المبالغة ( في مضمضة إدارة الماء في جميع الفم ، و ) المبالغة ( في الاستنشاق : جذبه ) أي الماء ( بنفس إلى أقصى الأنف والواجب ) في المضمضة ( أدنى إدارة ) للماء في فمه .

( و ) الواجب في الاستنشاق ( جذب الماء إلى باطن الأنف ) وإن لم يبلغ أقصاه ( فلا يكفي ) في المضمضة ( وضع الماء في فيه بدون إدارة ) لأنه لا يسمى مضمضة وكذا لا يكفي في الاستنشاق وضعه في أنفه بدون جذب إلى باطن الأنف ، لأنه لا يسمى استنشاقا ( ثم ) بعد إدارة الماء في فيه ( له بلعه ولفظه ) أي طرحه ; لأن الغسل قد حصل ( ولا يجعل المضمضة أولا ) أي ابتداء من غير إدارة في فمه ( وجورا ، ولا ) يجعل ( الاستنشاق ) ابتداء ( سعوطا ) ; لأن ذلك لا يسمى مضمضة ولا استنشاقا ( والمبالغة في غيرهما ) أي غير المضمضة والاستنشاق ( دلك المواضع التي ينبو عنها الماء ) أي لا يطمئن عليها ( وعركها به ) أي الماء [ ص: 95 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية