كشاف القناع عن متن الإقناع

البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

صفحة جزء
( وإذا ظفر ) بالبناء للمفعول ( بهم ) أي : بأهل الحرب ( حرم قتل صبي وامرأة ) لقول ابن عمر : { إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل النساء والصبيان } متفق عليه ; ولأنهم يصيرون أرقاء [ ص: 50 ] بنفس السبي ، ففي قتلهم إتلاف المال فإن شك في بلوغ الصبي عول على شعر العانة قال في البلغة .

( وخنثى ) لاحتمال أن يكون امرأة ( وراهب ، ولو خالط الناس ) لقول عمر " ستمرون على قوم في صوامع لهم ، احتبسوا أنفسهم فيها ، فدعوهم حتى يبعثهم الله على ضلالهم " .

( وشيخ فان ) ; لأنه صلى الله عليه وسلم " نهى عن قتله " رواه أبو داود وروي عن ابن عباس في قوله تعالى : { ولا تعتدوا } بقوله : " لا تقتلوا النساء والصبيان ، والشيخ الكبير " ; ولأنه ليس من أهل القتال أشبه المرأة ويحمل ما روي عن قتل المقاتلة الذين فيهم قوة مع أنه عام وخبرنا خاص فيقدم عليه .

( وزمن وأعمى ) ; لأنه ليس فيهما نكاية فأشبها الشيخ الفاني ( وفي المغني ) والشرح ( وعبد وفلاح ) لا يقاتل لقول " عمر اتقوا الله في الفلاحين الذين لا ينصبون لكم الحرب " ; ولأن الصحابة رضي الله تعالى عنهم لم يقاتلوهم حين فتحوا البلاد ; ولأنهم لا يقاتلون ، أشبهوا الشيوخ والرهبان .

وفي الإرشاد : وحبر ( لا رأي لهم ) فمن كان من هؤلاء ذا رأي - وخصه في الشرح بالرجال - وفيه شيء قاله في المبدع - جاز قتله ; لأن دريد بن الصمة قتل يوم حنين وهو شيخ لا قتال فيه ، لأجل استعانتهم برأيه فلم ينكر صلى الله عليه وسلم قتله ; ولأن الرأي من أعظم المعونة على الحرب وربما كان أبلغ في القتال قال المتنبي :

الرأي قبل شجاعة الشجعان هو أول وهي المحل الثاني     فإذا هما اجتمعا لنفس مرة
بلغت من العلياء كل مكان     ولربما طعن الفتى أقرانه
بالرأي قبل تطاعن الفرسان

( إلا أن يقاتلوا ) ، فيجوز قتلهم بغير خلاف ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم { قتل يوم قريظة امرأة ألقت رحى على محمود بن سلمة } .

وروى ابن عباس { أن النبي مر على امرأة مقتولة يوم الخندق فقال : من قتل هذه ؟ فقال رجل : أنا نازعتني قائم سيفي ، فسكت } ( أو يحرضوا عليه ) أي : على القتال فإن حرض أحد منهم جاز قتله فإن تحريض النساء والذرية أبلغ من مباشرتهم القتال بأنفسهم .

( ولا يقتل معتوه ) أي : مختل العقل ( مثله لا يقاتل ) ; لأنه لا نكاية فيه أشبه الصبي ( ويأتي ما يحصل به البلوغ ) في الحجر ( ويقتل المريض إذا كان ممن لو كان صحيحا قاتل ، كالإجهاز على الجريح ) ; لأن في تركه حيا ضررا على المسلمين ، [ ص: 51 ] وتقوية للكفار .

( وإن كان ) المريض ( مأيوسا من برئه فكزمن ) لعدم النكاية بقتله ( فإن تترسوا ) أي : الكفار ( بهم ) أي : بالصبي والمرأة والخنثى ونحوهم ممن تقدم أنه لا يقتل ( جاز رميهم ) ; لأن كف المسلمين عنهم حينئذ يفضي إلى تعطيل الجهاد ، وسواء كانت الحرب قائمة أو لا .

( ويقصد ) الرامي لهم ( المقاتلة ) ; لأنهم المقصودون بالذات ( ولو وقفت امرأة في صف الكفار أو على حصنهم فشتمت المسلمين أو تكشفت لهم جاز رميها والنظر إلى فرجها للحاجة إلى رميها ) ذكره في المغني والشرح قال في المبدع : وظاهر نص الإمام والأصحاب : خلافه ، ، ويتوجه أن حكم غيرها ممن منعنا قتله كهي ( وكذلك يجوز لهم رميها إذا كانت تلتقط لهم السهام ، أو تسقيهم الماء ) كالتي تحرض على القتال وفيه شيء .

( وإن تترسوا ) أي : أهل الحرب ( بمسلمين لم يجز رميهم ) ; لأنه يئول إلى قتل المسلمين ، مع أن لهم مندوحة عنه ( فإن رماهم فأصاب مسلما فعليه ضمانه ) لعدوانه ( إلا أن يخاف علينا ) من ترك رميهم ( فقط ، فيرميهم ) نص عليه للضرورة ( ويقصد الكفار ) بالرمي ; لأنهم هم المقصودون بالذات فلو لم يخف على المسلمين ، لكن لا يقدر عليهم إلا بالرمي لم يجز رميهم لقوله تعالى { لولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات } الآية ، قال الليث : ترك فتح حصن يقدر على فتحه أفضل من قتل مسلم بغير حق .

التالي السابق


الخدمات العلمية