كشاف القناع عن متن الإقناع

البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

صفحة جزء
فصل في مسائل من أحكام الحمام وآداب دخوله ، وأجود الحمامات : ما كان شاهقا عذب الماء معتدل الحرارة ، معتدل البيوت قديم البناء ( بناء الحمام وبيعه وشراؤه وإجارته ) مكروه لما فيه من كشف العورة والنظر إليها ودخول النساء إليه ( وكسبه وكسب البلان والمزين مكروه ) .

قال في الرعاية : وحمامية النساء أشد كراهة ( قال ) الإمام ( أحمد في الذي يبني حماما للنساء : ليس بعدل ) وقال في رواية ابن الحكم لا تجاز شهادة من بناه للنساء ، وحرمه القاضي وحمله الشيخ تقي الدين على غير البلاد الباردة .

( وللرجل دخوله إذا أمن وقوع محرم بأن يسلم من النظر إلى عورات الناس ) ومسها ( و ) يسلم من ( نظرهم إلى عورته ) ومسها .

لما روي أن ابن عباس دخل حماما كان بالجحفة وروي عنه صلى الله عليه وسلم أيضا ( فإن خافه ) أي : الوقوع في محرم بدخول الحمام ( كره ) دخوله ( وإن علمه ) أي : الوقوع في محرم ( حرم ) دخوله ، لحديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { من كان يؤمن بالله واليوم الآخر من ذكور أمتي فلا يدخل الحمام إلا بمئزر ومن كانت تؤمن بالله واليوم الآخر فلا تدخل الحمام } رواه أحمد .

وقال أحمد إن علمت أن كل من يدخل الحمام عليه إزار فادخله ، وإلا فلا تدخل ( وللمرأة دخوله ) أي : الحمام ( بالشرط المذكور ) بأن تسلم من النظر إلى عورات النساء ومسها ومن النظر إلى عورتها ومسها ( وبوجود عذر من حيض أو نفاس أو جنابة أو مرض أو حاجة إلى الغسل ) لما روى أبو داود عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { إنها ستفتح لكم أرض العجم وستجدون فيها بيوتا يقال لها الحمامات ، [ ص: 159 ] فلا يدخلنها الرجال إلا بالأزر وامنعوها النساء إلا مريضة أو نفساء } .

وقوله ( ولا يمكنها أن تغتسل في بيتها لخوفها من مرض أو نزوله ) قاله القاضي والموفق والشارح قال في الإنصاف : وظاهر كلام أحمد لا يعتبر ، وهو ظاهر كلامه في المستوعب والرعاية ( وإلا ) بأن لم يكن لها عذر مما تقدم ( حرم ) عليها دخوله ( نصا ) لما تقدم من الخبرين .

واختار أبو الفرج بن الجوزي والشيخ تقي الدين أن المرأة إذا اعتادت الحمام وشق عليها ترك دخوله إلا لعذر أنه يجوز لها دخوله ( ولا ) يحرم عليها الاغتسال ( في حمام دارها ) حيث لم ير من عورتها ما يحرم النظر إليه لعدم دخوله فيما تقدم ، وكباقي دارها ( ويقدم رجله اليسرى في دخول الحمام والمغتسل ونحوهما ) ; لأنها لما خبث .

قال في المبدع : وعن سفيان قال : كانوا يستحبون لمن دخله أن يقول : يا بر يا رحيم من وقنا عذاب السموم ( والأولى في الحمام أن يغسل قدميه وإبطيه بماء بارد عند دخوله ، ويلزم الحائط ) خوف السقوط ( ويقصد موضعا خاليا ) ; لأنه أبعد من أن يقع في محظور .

( ولا يدخل البيت الحار حتى يعرق في البيت الأول ) ; لأنه أجود طبا ( ويقلل الالتفات ) ; لأنه محل الشياطين ، فتعبث به ، وربما كان سببا لرؤية عورة ( ولا يطيل المقام إلا بقدر الحاجة ) لأنه يأخذ من البدن ( ويغسل قدميه عند خروجه بماء بارد ، قال في المستوعب ) ( فإنه يذهب الصداع ، ولا يكره دخوله قرب الغروب ، ولا بين العشاءين ) لعدم النهي الخاص عنه .

وقال ابن الجوزي في منهاج القاصدين : يكره ; لأنه وقت انتشار الشياطين ( ويحرم أن يغتسل عريانا بين الناس ) في حمام أو غيره لحديث { احفظ عورتك } إلى آخره .

وعن يعلى بن أمية أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يغتسل بالبراز فصعد المنبر ، فحمد الله ، وأثنى عليه ثم قال : { إن الله عز وجل حيي ستير يحب الحياء والستر ، فإذا اغتسل أحدكم فليستتر } رواه أبو داود ( فإن ستره إنسان بثوب ) فلا بأس ( أو اغتسل عريانا خاليا ) عن الناس ( فلا بأس ) ; لأن موسى عليه السلام اغتسل عريانا رواه البخاري وأيوب عليه السلام اغتسل عريانا قاله في المغني ( والتستر أفضل ) .

وقال في الإنصاف وغيره : يكره قال الشيخ تقي الدين : عليه أكثر نصوصه قال في الآداب : يكره الاغتسال في المستحم ودخول الماء بلا مئزر لقول الحسن والحسين وقد دخلا الماء وعليهما برد : إن للماء سكانا ( وتكره القراءة فيه ) أي : الحمام ( ولو خفض صوته ) ; لأنه محل التكشف ويفعل فيه [ ص: 160 ] ما لا يحسن في غيره فاستحب صيانة القرآن عنه وحكى ابن عقيل الكراهة عن علي وابن عمر ( وكذا ) يكره ( السلام ) في الحمام ، قال في الآداب : وكذلك لا يسلم ولا يرد على مسلم .

وقال في الشرح : الأولى جوازه من غير كراهة لعموم قوله صلى الله عليه وسلم { أفشوا السلام بينكم } ولأنه لم يرد فيه نص والأشياء على الإباحة و ( لا ) يكره ( الذكر ) في الحمام ، لما روى النخعي أن أبا هريرة دخل الحمام فقال : لا إله إلا الله ( وسطحه ونحوه ) من كل ما يتبعه في بيع وإجارة ( كبقيته ) لتناول الاسم له .

التالي السابق


الخدمات العلمية