كشاف القناع عن متن الإقناع

البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

صفحة جزء
( ويصح ) البيع ( بصفة ) تضبط ما يصح السلم فيه ; لأنها تقوم مقام الرؤية في تمييزه ( وهو ) أي : البيع بالصفة ( نوعان : أحدهما بيع عين معينة ، سواء كانت العين المعينة غائبة مثل أن يقول : بعتك عبدي التركي ويذكر صفاته ) التي تضبط وتأتي في السلم ( أو ) كانت العين المبيعة بالصفة ( حاضرة مستورة ، كجارية منتقبة ، وأمتعة في ظروفها ، أو نحو ذلك فهذا ) النوع ( ينفسخ العقد عليه برده على البائع ) بنحو عيب أو نقص صفة وليس للمشتري طلب بدله لوقوع العقد على عينه كحاضر ، فإن شرط ذلك في عقد البيع بأن قال : إن فاتك شيء من هذه الصفات ، أعطيتك ما هذه صفاته ، لم يصح العقد قاله في المستوعب .

( و ) ينفسخ العقد عليه أيضا ب ( تلفه قبل قبضه ) لزوال محل العقد ( و ) هذا النوع ( يجوز التفريق ) من متبايعيه ( قبل قبض الثمن ، [ ص: 164 ] وقبل قبض المبيع كحاضر ) بالمجلس ( ويجوز تقديم الوصف في بيع الأعيان على العقد كما يجوز تقديم الرؤية ذكره القاضي محل وفاق وكذلك لا يجوز تقديم الوصف ) للمعقود عليه ( في السلم على العقد ولا فرق بينهما ) أي بين تقديم الوصف في بيع الأعيان على العقد ، وتقديمه في السلم على العقد .

وكذا تقديم الوصف في بيع ما في الذمة ( فلو قال ) لآخر ( : أريد أن أسلفك في كر حنطة ووصفه بالصفات فلما كان بعد ذلك ) ولو طال الزمن .

( قال قد أسلفتك في كر حنطة على الصفات التي تقدم ذكرها وعجل الثمن ) قبل التفريق ( جاز ) وصح العقد للعلم بالمعقود عليه ، والكر بضم الكاف كيل معروف بالعراق وهو ستون قفيزا وأربعون إردبا قاله في القاموس .

( و ) النوع ( الثاني ) من نوعي البيع بالصفة ( بيع موصوف غير معين ، ويصفه بصفة تكفي في السلم إن صح السلم فيه ) بأن انضبطت صفاته ( مثل أن يقول : بعتك عبدا تركيا ثم يستقصي صفات السلم فيه فهذا في معنى السلم ) وليس سلما لحلوله ( فمتى سلم البائع إليه عبدا على غير ما وصفه له فرده ) المشتري عليه ( أو ) سلم إليه عبدا على ما وصف له ، ( فأبدله ) المشتري لنحو عيب ( لم يفسد العقد ) برده ; لأن العقد لم يقع على عينه بخلاف النوع الأول ( ويشترط في هذا النوع قبض المبيع ، أو قبض ثمنه في مجلس العقد ) ; لأنه في معنى السلم .

ويشترط أيضا أن لا يكون بلفظ سلم أو سلف ; لأنه لا يكون إذن سلما ولا يصح حالا ولم يذكره المصنف ; لأنه اقتصر فيما تقدم على قول التلخيص : أن البيع لا ينعقد بلفظ السلم والسلف .

( و ) يحصل العلم بمعرفة المبيع ( برؤية متقدمة ) على العقد ( بزمن لا يتغير فيه المبيع يقينا ، أو ) لا يتغير فيه ( ظاهرا ) ; لأن شرط الصحة العلم وقد حصل بطريقه وهي الرؤية المتقدمة والمبيع منه ما يسرع فساده كالفاكهة وما يتوسط كالحيوان وما يتباعد كالعقارات فيعتبر كل نوع بحسبه ولو ( مع غيبة المبيع ، ولو في مكان بعيد لا يقدر ) البائع ( على تسليمه في الحال ، لكن يقدر على استحضاره غير آبق ونحوه ) كشارد فلا يصح بيعه لما تقدم ( ثم إن وجده ) أي : وجد المشتري ما تقدمت رؤيته ( لم يتغير فلا خيار له ) لسلامة المبيع .

( وإن وجده متغيرا فله الفسخ على التراخي ) كخيار العيب وكذا لو وجد بالصفة ناقصا صفة ( ويسمى ) هذا الخيار ( خيار الخلف في الصفة ) من إضافة الشيء إلى سبيله ( إلا أن يوجد منه ) أي : من المشتري ( ما يدل على الرضا ) بالمبيع ( من سوم [ ص: 165 ] ونحوه ) فيسقط خياره لذلك .

و ( لا ) يسقط خياره ( بركوب الدابة المبيعة ) في طريق الرد ( إلى البائع ) ; لأنه لا يدل على الرضا بالتغير ( ومتى أبطل ) المشتري ( حقه ) من رده ، ( فلا أرش له ) أي للمشتري في الأصح قاله في الفروع فيخير بين الرد والإمساك مجانا لئلا يعتاض عن صفة كالسلم وهذا بخلاف البيع بشرط صفة فإن له أرش فقدها ، كما يأتي في الشروط في البيع .

التالي السابق


الخدمات العلمية