كشاف القناع عن متن الإقناع

البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

صفحة جزء
( والكلب والخنزير نجسان ) وكذا ما تولد منهما وسؤر ذلك وعرقه ، وكل ما خرج منه لا يختلف المذهب فيه ، قاله في الشرح ( يطهر متنجس بهما و ) متنجس ( بمتولد منهما أو من [ ص: 182 ] أحدهما أو بشيء من أجزائهما ) أو أجزاء ما تولد منهما ، أو من أحدهما ( غير أرض ونحوها ) كصخر وحيطان ( بسبع غسلات منقية ، إحداهن بتراب طهور وجوبا ) لحديث أبي هريرة مرفوعا قال { إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعا } متفق عليه ولمسلم { فليرقه ثم ليغسله سبع مرات } وله أيضا { طهور إناء أحدكم إذا ولغ الكلب فيه أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب } .

ولو كان سؤره طاهرا لم يأمر بإراقته ولا وجب غسله والأصل أن وجوب الغسل لنجاسته ، ولم يعهد التعبد في غسل البدن ، والطهور لا يكون إلا في محل الطهارة ، ولأنه لو كان تعبدا ، لما اختص الغسل بموضع الولوغ ، لعموم اللفظ في الإناء كله ، وإذا ثبت هذا في الكلب فالخنزير شر منه لنص الشارع على تحريمه وحرمة اقتنائه ، فثبت الحكم فيه بطريق التنبيه ، وإنما لم ينص الشارع عليه لأنهم لم يكونوا يعتادونه .

ولم يذكر أحمد في الخنزير عددا وعلم من كلامه أنه لا يكفي التراب غير الطهور كما صرح به في المبدع والإنصاف ، وقدماه ، وأنه إذا لم تنق النجاسة بالسبع زاد حتى تنقى كسائر النجاسات وأنه لا تتعين إحدى الغسلات للتراب .

( و ) لكن الغسلة ( الأولى أولى ) بجعل التراب فيها للخبر وليأتي الماء بعده فينظفه ( ويقوم أشنان وصابون ونخالة ونحوها ) من كل ما له قوة في الإزالة ( مقامه ) أي : التراب ( ولو مع وجوده ) وعدم تضرر المحل به لأن نصه على التراب تنبيه على ما هو أبلغ منه في التنظيف .

و ( لا ) تقوم ( غسلة ثامنة ) مقام التراب لأن الأمر بالتراب معونة للماء في قطع النجاسة أو للتعبد فلا يحصل بالماء وحده ( ويعتبر استيعاب المحل به ) أي : بالتراب بأن يمر التراب مع الماء على جميع أجزاء المحل المتنجس ليتحقق معنى قوله صلى الله عليه وسلم { أولاهن بالتراب } ( إلا فيما يضره ) التراب .

( فيكفي مسماه ) أي : أقل شيء يسمى ترابا يوضع في ماء إحدى الغسلات لحديث { إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم } وللنهي عن إفساد المال ( ويعتبر مزجه ) أي : التراب ( بماء يوصله إليه ) أي : إلى المحل المتنجس فلا يكفي مائع غير الماء كما نبه عليه المصنف في حاشية التنقيح .

وعبارة الفروع : فيعتبر مائع يوصله إليه ذكره أبو المعالي وصاحب التلخيص وجزم بمعناه في التنقيح والمنتهى ف ( لا ) يكفي ( ذره ) أي : التراب على المحل المتنجس ( وإتباعه الماء ) لقوله صلى الله عليه وسلم { أولاهن بالتراب } إذ الباء فيه للمصاحبة .

قال في الفروع : ويحتمل يكفي ذره ويتبعه الماء ، وهو ظاهر كلام جماعة وهو أظهر [ ص: 183 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية