كشاف القناع عن متن الإقناع

البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

صفحة جزء
وللمستحاضة أربعة أحوال أحدها أن تكون معتادة فقط ، وقد ذكرها بقوله ( وإن استحيضت معتادة رجعت ، إلى عادتها ) لتعمل بها لما يأتي [ ص: 208 ] الحال الثاني أن تكون معتادة مميزة وأشار إليها بقوله : ( وإن كانت مميزة ) بعض دمها أسود أو ثخين أو منتن فتقدم العادة على التمييز ، سواء ( اتفق تمييزها وعادتها ) بأن تكون عادتها أربعة مثلا من أول الشهر ، وكان دم هذه الأربعة أسود ، ودم باقي الشهر أحمر ( أو اختلفا ) أي : العادة ، والتمييز ، وسواء كان الاختلاف ( بمداخلة ) بأن تكون عادتها ستة أيام ، من أول العشر الأوسط من الشهر ، فترى في أول العشر أربعة أسود وباقي الشهر أحمر فتجلس الستة كلها من أول العشر ( أو مباينة ) بأن تكون عادتها من أول الشهر فترى الدم الصالح للحيض في آخره فتجلس عادتها .

ثم تغتسل بعدها ، وتتوضأ لوقت كل صلاة وتصلي ، لقوله صلى الله عليه وسلم { دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها ، ثم اغتسلي وصلي } متفق عليه ولأن العادة أقوى لأنها لا تبطل دلالتها بخلاف اللون إذ زاد على أكثر الحيض بطلت دلالته والعادة ضربان : متفقة ، بأن تكون أياما متساوية ، كسبعة من كل شهر فإذا استحيضت جلستها ومختلفة ، وهي قسمان : مرتبة ، بأن ترى في شهر ثلاثة وفي الثاني أربعة وفي الثالث خمسة ثم تعود إلى مثل ذلك فهذه إذا استحيضت في شهر وعرفت نوبته عملت عليه ، وإن نسيت نوبته جلست الأقل وهو ثلاثة ثم تغتسل وتصلي بقية الشهر وإن علمت أنه غير الأول وشكت هل هو الثاني أو الثالث جلست أربعة لأنها اليقين .

ثم تجلس في الشهرين الآخرين ثلاثة ثلاثة وفي الرابع أربعة ثم تعود إلى الثلاثة كذلك أبدا ويكفيها غسل واحد عند انقضاء المدة التي جلستها ، كالناسية وصحح في المغني والشرح أنه يجب عليها الغسل أيضا عند مضي أكثر عادتها ، وغير المرتبة ، كأن تحيض في شهر ثلاثة .

وفي الثاني خمسة وفي الثالث أربعة فإن أمكن ضبطه بحيث لا يختلف هو فالحكم فيه كالذي قبله وإن لم يمكن ضبطه جلست الأقل في كل شهر واغتسلت عقبه ( ونقص العادة لا يحتاج إلى تكرار ) لأنه رجوع إلى الأصل وهو العدم .

( فلو نقصت عادتها ثم استحيضت بعده ) أي : بعد النقص ( فإن كانت عادتها عشرة ) أيام ( فرأت ) الدم ( سبعة ثم استحيضت في الشهر الآخر جلست السبعة ) لأنها التي استقرت عليها عادتها [ ص: 209 ] الحال الثالث أن يكون لها عادة وتمييز وتنسى العادة ، وقد ذكرها بقوله : ( وإن نسيت العادة عملت بالتمييز الصالح ) لأن يكون حيضا وتقدم ، لما روى أبو داود والنسائي من حديث فاطمة بنت أبي حبيش { إذا كان دم الحيض فإنه أسود يعرف فأمسكي عن الصلاة فإذا كان الآخر فتوضئي فإنما هو عرق } ولأنها مستحاضة ولا تعلم لها عادة تلزمها العمل بالتمييز كالمبتدأة .

( ولو تنقل ) التمييز بأن كانت تراه تارة في أول الشهر وتارة في وسطه وتارة في آخره ( من غير تكرار ) أي : تعمل بالتمييز ولو لم يتكرر كما تقدم في المبتدأة لعموم الخبر ( فإن لم يكن لها تمييز ) بأن كان الدم على نسق واحد ( أو كان ) لها تمييز ( و ) لكنه ( ليس بصالح ) بأن نقص عن يوم وليلة ، أو جاوز خمسة عشر ( فهي المتحيرة ) لأنها قد تحيرت ، في حيضها بجهل العادة وعدم التمييز وهذا هو الحال الرابع ولا ( تفتقر استحاضتها إلى تكرار ) بخلاف المبتدأة ( أيضا ) أي : كما أن تمييزها لا يفتقر إلى تكرار كما تقدم .

التالي السابق


الخدمات العلمية