كشاف القناع عن متن الإقناع

البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

صفحة جزء
وللمتحيرة ثلاثة أحوال أحدها : أن تكون ناسية للعدد فقط ( تجلس غالب الحيض إن اتسع شهرها له ) بأن كان عشرين يوما فأكثر لحديث حمنة بنت جحش وهي امرأة كبيرة قاله أحمد ولم يسألها عن تمييزها ولا عادتها فلم يبق إلا أن تكون ناسية فترد إلى غالب الحيض إناطة للحكم بالأكثر كما ترد المعتادة لعادتها ( وإلا ) بأن لم يتسع شهرها لغالب الحيض ( جلست الفاضل ) من شهرها ( بعد أقل الطهر كأن يكون شهرها ثمانية عشر يوما ، فإنها تجلس الزائد عن أقل الطهرين الحيضتين فقط ) لئلا ينقص الطهر عن أقله ( وهو ) أي : ما تجلسه ( هنا ) أي : في المثال المذكور ( خمسة أيام ) لأنها الباقي من الثمانية عشر بعد الثلاثة عشر فتجلسها فقط ( لئلا ينقص الطهر عن أقله ) فيخرج عن كونه طهرا .

( وإن جهلت شهرها جلسته ) أي غالب الحيض ( من ) كل ( شهر ) للخبر ( هلالي ) لأنه المتبادر عند الإطلاق ( وشهر المرأة هو ) الزمن ( الذي يجتمع لها فيه حيض وطهر صحيحان ) أي : تامان ( وأقل ذلك : أربعة عشر يوما ) بلياليها ( يوم ) بليلته ( للحيض ) لأنه أقله ( وثلاثة عشر ) يوما بلياليها ( للطهر ) لأنها أقله ( ولا حد لأكثره ) أي : شهر المرأة لما تقدم : أنه لا حد لأكثر الطهر بين الحيضتين ( وغالبه ) أي : شهر المرأة ( الشهر الهلالي ) لأن غالب الحيض ست أو سبع وغالب الطهر بقية الشهر .

وتقدم ( ولا تكون ) المرأة ( معتادة حتى تعرف شهرها ) الذي تحيض فيه وتطهر فيه ( و ) تعرف ( وقت حيضها وطهرها ) [ ص: 210 ] منه بأن تعرف أنها تحيض خمسة مثلا من ابتدائه وتطهر في باقيه ( ويتكرر ) حيضها ثلاثة أشهر ، لأن العادة لا تثبت بدونها كما تقدم الحال الثاني أن تكون عالمة بالعدد ناسية للموضع وقد ذكر ذلك بقوله .

( وإن علمت عدد أيامها ) أي : أيام حيضها ( ونسيت موضعها ) بأن لم تدر أكانت تحيض في أول الشهر أو وسطه أو آخره ؟ ( جلستها ) أي أيام حيضها ( من أول كل شهر هلالي ) لأنه صلى الله عليه وسلم جعل حيضة حمنة من أول الشهر والصلاة في بقيته ولأن دم الحيض جبلة والاستحاضة عارضة ، فإذا رأته وجب تقديم دم الحيض الحال الثالث الناسية للعدد والموضع ، وهي المرادة بقوله : ( وكذا من عدمتهما ) أي : عدمت العلم بعدد حيضها وموضعه ، فتجلس غالب الحيض من أول كل شهر هلالي لما تقدم ( فإن عرفت ابتداء الدم ) بأن علمت أن الدم كان يأتيها في أول العشر الأوسط من الشهر وأول النصف الأخير منه ونحوه .

( فهو أول دورها ) فتجلس منه سواء كانت ناسية للعدد فقط والموضع ( وما جلسته ناسية ) للعدد أو الموضع أو هما ( من حيض مشكوك فيه ، كحيض يقينا ) فيما يوجبه ويمنعه ، وعدم قضاء الصلاة ونحو ذلك بخلاف النفاس المشكوك فيه لمشقة تكرره ( وما زاد على ما تجلسه إلى أكثره ) أي : الحيض ( كطهر متيقن ) .

قال في الرعاية : والحيض والطهر مع الشك فيهما كاليقين فيما يحل ويحرم ويكره ويجب ويستحب ويباح ويسقط وعنه يكره الوطء في طهر مشكوك فيه ، كالاستحاضة ( وغيرهما ) أي : غير زمن الحيض وما زاد عليه إلى أكثر الحيض وهو نصف الشهر الباقي إن حيضناها من كل شهر ( استحاضة ) لأنه لا يصح أن يكون حيضا ولا نفاسا ( وإن ذكرت ) المستحاضة الناسية لعادتها ( عادتها رجعت إليها ) فتجلسها لأن ترك الجلوس فيها إنما كان لعارض النسيان وإذا زال العارض رجعت إلى الأصل .

( وقضت الواجب زمن العادة المنسية ) كأن كانت صامت فرضا فيها ، فتقضيه ، لعدم صحته ، لموافقة زمن الحيض ( و ) قضت الواجب أيضا ( زمن جلوسها في غيرها ) فتقتضي الصلاة والصوم ونحوه ، لأنه ليس بزمن حيض ( وكذا الحكم في كل موضع حيض من لا عادة لها ولا تمييز ، مثل المبتدأة إذا لم تعرف وقت ابتداء دمها ولا تمييز لها ) فإنها تجلس غالب الحيض بعد تكرره من أول كل شهر هلالي ، وإذا ذكرت وقت [ ص: 211 ] ابتداء دمها رجعت إليه وقضت الواجب زمنه وزمن جلوسها في غيره .

التالي السابق


الخدمات العلمية