كشاف القناع عن متن الإقناع

البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

صفحة جزء
( وإن نوى جنب ونحوه ) كحائض ونفساء وكافر أسلم ( بانغماسه كله أو ) انغماس ( بعضه ) من يد أو غيرها ( في ماء قليل ) لا كثير ( راكد أو جار رفع حدثه لم يرتفع ) حدثه بذلك .

قال في الحاوي الكبير : قال أصحابنا يرتفع الحدث عن أول جزء يقع منه أي في الماء ، فيحصل غسل ما سواه بماء مستعمل فلا يجزئه ( وصار ) الماء ( مستعملا بأول جزء انفصل ) من المنغمس [ ص: 35 ] والحاصل : أن الحدث يرتفع عن أول جزء لاقي وهو غير معلوم ، والماء يصير مستعملا بأول جزء انفصل ، كما أن الماء الوارد على محل التطهير يرفع الحدث بمجرد الإصابة ولا يصير مستعملا إلا بانفصاله فلهذا قال ( ك ) الماء ( المتردد على المحل ) أي محل التطهير ، فإنه يصير مستعملا بانفصاله .

قال الشيخ تقي الدين في شرح العمدة : ما دام الماء يجري على بدن المغتسل وعضو المتوضئ على وجه الاتصال فليس بمستعمل ، حتى ينفصل فإن انتقل من عضو إلى عضو لا يتصل به ، مثل أن يعصر الجنب شعر رأسه على لمعة من بدنه ، أو يمسح المحدث رأسه ببلل يده بعد غسلها فهو مستعمل في إحدى الروايتين ، كما لو انفصل إلى غير محل التطهير ، والأخرى ليس بمستعمل وهو أصح انتهى .

لكن صحح الأولى في الإنصاف ، ومشى عليه المصنف وذكر الخلال أن رواية الإجزاء رجع أحمد عنها واستقر قوله على أن ذلك لا يجزئ ( وكذا نيته ) أي الجنب ( بعد غمسه ) أي انغماسه في الماء القليل راكدا كان أو جاريا .

قال في الحاوي الكبير : ولو لم ينو الطهارة حتى انغمس به ، فقال أصحابنا يرتفع الحدث عن أول جزء يرتفع منه فيحصل غسل ما سواه بماء مستعمل انتهى فقطع بأنه يصير مستعملا بأول جزء انفصل ، وعزاه إلى الأصحاب ، فيحمل كلام المصنف على هذا هكذا .

قال في تصحيح الفروع وقال المجد : الصحيح عندي أنه يرتفع حدثه عقب نيته ، لوصول الطهور إلى جميع محله بشرطه في زمن واحد فلا تعود الجنابة بصيرورته مستعملا بعد وقد أوضحت المسألة في الحاشية ( ولا أثر لغمسه ) أي الجنب بدنه أو بعضه في ماء قليل ( بلا نية رفع حدث كمن نوى التبرد أو ) نوى ( إزالة الغبار ، أو ) نوى ( الاغتراف ، أو فعله عبثا ) ; لأنه لم يزل مانعا .

( وإن كان الماء الراكد كثيرا كره أن يغتسل فيه ) لحديث أبي هريرة مرفوعا { لا يغتسلن أحدكم في الماء الراكد وهو جنب } رواه مسلم ( ويرتفع حدثه ) أي الجنب ( قبل انفصاله عنه ) أي الماء لوصول الطهور إلى محله بشرطه ( ويسلبه ) أي الماء ( الطهورية اغترافه ) أي الجنب ( بيده أو فمه أو وضع رجله أو غيرها ) من أعضائه ( في ) ماء ( قليل بعد نية غسل واجب ) لاستعماله في رفع الحدث عن أول جزء يلاقي من الغموس ، كما تقدم ولا يرتفع الحدث عنه ; لأن ذلك الجزء غير معلوم .

التالي السابق


الخدمات العلمية