كشاف القناع عن متن الإقناع

البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

صفحة جزء
( ثم يليه ) أي : وقت المغرب ( العشاء ) بكسر العين والمد اسم لأول الظلام سميت الصلاة بذلك لأنها تفعل فيه ، ويقال لها عشاء الآخرة وأنكره الأصمعي وغلطوه في إنكاره ( وهي أربع ركعات ) إجماعا ( ولا يكره تسميتها بالعتمة ) لقول عائشة { كانوا يصلون العتمة فيما بين أن يغيب الشفق إلى ثلث الليل } رواه البخاري والعتمة في اللغة : شدة الظلمة والأفضل أن تسمى العشاء قاله في المبدع .

( ويكره النوم قبلها ، ولو كان له من يوقظه والحديث بعدها ) لحديث أبي برزة الأسلمي { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستحب أن يؤخر العشاء التي تدعونها العتمة وكان يكره النوم قبلها والحديث بعدها } متفق عليه وعلله القرطبي بأن الله تعالى جعل الليل سكنا وهذا يخرجه عن ذلك ( إلا ) الحديث ( في أمر المسلمين ، أو شغل ، أو شيء يسير أو مع أهل أو ضيف ) فلا يكره لأنه خير ناجز فلا يترك لمفسدة متوهمة .

( وآخر وقتها المختار إلى ثلث الليل ) الأول نص عليه ، واختاره الأكثر لأن { جبريل صلاها بالنبي صلى الله عليه وسلم في اليوم الأول حين غاب الشفق ، وفي اليوم الثاني حين كان ثلث الليل الأول ثم قال : الوقت فيما بين هذين } رواه مسلم وتقدم حديث عائشة .

( وعنه ) يمتد وقت العشاء المختار إلى ( نصفه ) أي : الليل ( اختاره الموفق والمجد ، وجمع ) منهم القاضي وابن عقيل وقدمه ابن تميم قال في الفروع : وهو أظهر لما روى أنس { أن النبي صلى الله عليه وسلم أخرها إلى نصف الليل ، ثم صلى ثم قال ألا صلى الناس وناموا ؟ أما إنكم في صلاة ما انتظرتموها } متفق عليه .

وعن ابن عمر مرفوعا قال : { وقت العشاء إلى نصف الليل } رواه مسلم .

( ثم وقت الضرورة إلى طلوع الفجر الثاني ) لقوله صلى الله عليه وسلم : { ليس في النوم تفريط إنما التفريط في اليقظة أن يؤخر صلاة إلى أن يدخل وقت صلاة أخرى } رواه مسلم من حديث أبي قتادة ; ولأنه وقت للوتر ; وهو من توابع العشاء فاقتضى أن يكون وقتا لها لأن التابع إنما يفعل في وقت المتبوع كركعتي الفجر ، والحكم فيه [ ص: 255 ] حكم الضرورة في وقت العصر ; فيحرم تأخيرها عن وقت الاختيار بلا عذر .

( وهو ) أي الفجر الثاني : ( البياض المعترض في المشرق ، ولا ظلمة بعده ) ويقال له : الفجر الصادق ، والفجر الأول يقال له : الفجر الكاذب وهو مستطيل بلا اعتراض ، أزرق ، له شعاع ثم يظلم ، ولدقته يسمى : ذنب السرحان أي : الذئب قال محمد بن حسنويه : سمعت أبا عبد الله يقول : الفجر يطلع بليل ولكن تستره أشجار جنات عدن ( وتأخيرها ) أي العشاء ( إلى آخر وقتها المختار أفضل ) { لقول النبي صلى الله عليه وسلم لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم أن يؤخروا العشاء إلى ثلث الليل أو نصفه } رواه الترمذي وصححه ( ما لم يشق ) التأخير ( على المأمومين ، أو ) على ( بعضهم ) فإنه يكره .

نص عليه في رواية الأثرم ، { لأنه صلى الله عليه وسلم كان يأمر بالتخفيف رفقا بهم } قاله في المبدع ( أو يؤخر مغربا لغيم ، أو جمع فتعجيل العشاء فيهن أفضل ) من تأخيرها .

( ولا يجوز تأخير الصلاة ) التي لها وقت اختيار ووقت ضرورة ( أو ) تأخير ( بعضها إلى وقت الضرورة ما لم يكن عذر ) قال في المبدع : ذكره الأكثر ( وتقدم ) في كتاب الصلاة ( وتأخير عادم الماء العالم ) وجوده ( أو الراجي وجوده ) أو المستوي عنده الأمران ( إلى آخر الوقت الاختياري ) إن كان للصلاة وقتان ( أو إلى آخر الوقت ، إن لم يكن لها وقت ضرورة : أفضل في ) الصلوات ( الكل وتقدم في التيمم ) موضحا .

( وتأخير ) الكل ( لمصلي كسوف أفضل ، إن أمن فوتها ) لتحصيل فضيلة الصلاتين ( و ) التأخير أيضا أفضل ( لمعذور كحاقن ، وتائق ونحوه ) حتى يزيل ذلك ليأتي بالصلاة على أكمل الأحوال ( وتقدم : إذا ظن مانعا من الصلاة ) كحيض ( ونحوه ) كموت وقتل في كتاب الصلاة ( ولو أمره والده بتأخيرها ) أي : الصلاة ( ليصلي به أخر نصا ) إلى أن يبقى من الوقت الجائز فعلها فيه بقدر ما يسعها قال في شرح المنتهى : وظاهره أن هذا التأخير يكون وجوبا ( ف ) يؤخذ من نص الإمام ( لا تكره إمامة ابن بأبيه ) لأن الكراهة تنافي ما طلب فعله شرعا ( ويجب التأخير ) إلى أن يضيق الوقت على من لا يحسن الفاتحة ، أو واجب الذكر ( لتعلم الفاتحة وذكر واجب في الصلاة ) حيث أمكنه التعلم ; ليأتي بالصلاة تامة من غير محذور بالتأخير .

التالي السابق


الخدمات العلمية