كشاف القناع عن متن الإقناع

البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

صفحة جزء
وإذا كان الماء قلتين فقط وغيرت النجاسة منه قدرا يعفى عنه في نقص القلتين كالرطل والرطلين فالباقي طهور لأنه قلتان ( وله استعماله ) أي ما لا ينجس إلا بالتغير ( ولو مع قيام النجاسة فيه ) أي في الماء الكثير ( وبينه وبينها ) أي النجاسة ( قليل ) لأن تباعد الأقطار وتقاربها لا عبرة به ، إنما العبرة بكون غير المتغير كثيرا أو قليلا ويحكم بطهارة الملاصق للنجاسة إذا كان الماء كثيرا ( وإلا ) أي وإن لم يكن الذي لم يتغير بالنجاسة كثيرا فهو ( نجس ) لملاقاته النجاسة ( فإن لم يتغير الماء الذي خلطته النجاسة وهو يسير ف ) هو ( نجس ) لحديث ابن عمر .

قال { سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الماء يكون في الفلاة وما ينوبه من السباع والدواب فقال : إذا بلغ الماء قلتين لم ينجسه شيء } . وفي رواية { لم يحمل الخبث } رواه الخمسة والحاكم وقال على شرط الشيخين ولفظه لأحمد وسئل عنه ابن معين فقال إسناده جيد وصححه الطحاوي .

قال الخطابي ويكفي شاهدا على صحته أن نجوم أهل الحديث صححوه

، ولأنه عليه السلام أمر بإراقة الإناء الذي ولغ فيه الكلب ولم يعتبر التغير .

وعنه لا ينجس إلا بالتغير ، اختاره ابن عقيل وابن المنجا والشيخ تقي الدين ، وفاقا لمالك لحديث بئر بضاعة صححه أحمد وحسنه الترمذي . ويعضده حديث أبي أمامة مرفوعا { الماء لا ينجسه شيء إلا ما غلب على ريحه وطعمه ولونه } رواه ابن ماجه والدارقطني وجوابه حمل المطلق على المقيد فينجس القليل بمجرد الملاقاة .

( ولو كانت النجاسة لا يدركها الطرف ) أي البصر كالتي بأرجل الذباب خلافا لعيون المسائل ، وسواء ( مضى زمن تسري فيه ) النجاسة ( أم لا ) لأن النجاسة بالملاقاة لا بالاستهلاك ( وما انتضح من ) ماء ( قليل لسقوطها ) أي النجاسة ( فيه نجس ) لأنه بعض المتصل بالنجاسة وعلم منه أن ما انتضح من كثير طهور ( والماء الجاري كالراكد ) خلافا لأبي حنيفة ( إن بلغ مجموعه ) أي الجاري ( قلتين دفع ) .

( النجاسة إن لم تغيره ) وإن لم يبلغ قلتين تنجس مجموعه بمجرد الملاقاة ، لعموم ما سبق ( فلا اعتبار بالجرية ) وهي ما أحاط بالنجاسة فوقها وتحتها ويمنة ويسرة .

وقال الموفق وما انتشرت إليه عادة أمامها ووراءها ، وعنه كل جرية من جار كمنفرد فمتى امتدت نجاسة بجار فكل جرية نجاسة مفردة فيفضي إلى تنجيس نهر كبير بنجاسة قليلة لا كثيرة لقلة ما يحاذي القليلة .

إذ لو فرضنا كلبا في جانب نهر وشعرة منه في [ ص: 40 ] جانبه الآخر لكان ما يحاذيها لا يبلغ قلتين لقلته فينجس وما يحاذي الكلب يبلغ قلالا فلا ينجس وهذا ظاهر الفساد والتفريع على الأول .

التالي السابق


الخدمات العلمية